هل يدخل الحرير المستخرج من العناكب في النهي الوارد في قوله ﷺ (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير)؟
الحمد لله.
يحرم على الرجل لبس الحرير؛ لما روى البخاري (5633)، ومسلم (2067) عن حُذَيْفَةَ أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ .
وروى أبو داود (4057)، والنسائي (5144)، وابن ماجه (3595) عن عَلِي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " أنَّ النَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي .
وروى أحمد (6556) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ لَبِسَ الذَّهَبَ مِنْ أُمَّتِي فَمَاتَ وَهُوَ يَلْبَسُهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ذَهَبَ الْجَنَّةِ وَمَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ مِنْ أُمَّتِي فَمَاتَ وَهُوَ يَلْبَسُهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ حَرِيرَ الْجَنَّةِ وصححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.
الحرير المحرم هو الحرير المعهود منذ زمن النبوة ، وإلى الناس اليوم ، وهو المنسوج من دودة القز، سواء كان قزا ، أو إبريسما.
قال في "إعانة الطالبين" (2/ 91): " القز: ما قطعته الدودة وخرجت منه حية، والإبريسم ما ماتت فيه، والحرير يعمهما، خلافا لما وقع في بعض الحواشي، من أن الحرير اسم لما ماتت فيه الدودة وحل عنها بعد الموت، لأنه عليه يصير القز مباينا له، لا نوعا منه" انتهى.
وذكر قبلها أن القز كمد اللون، أي متغير اللون ليس صافيا.
وأما خيوط العنكبوت، فلم نقف على من جعل نسجها حريرا يتعلق به التحريم.
وفي الموسوعة العربية العالمية: " مصادر الحرير:
الحرير الطبيعي نوعان، حرير مزروع أو مستزرع، وحرير بري.
الحرير المزروع. ينتج الحرير الطبيعي دود الحرير الذي يربى على ورق التوت، ويمكن غالبًا استزراع الحرير بصورة تجارية. وتنتج معظم أنواع الحرير الفاخر من دود زاحف أو يساريع أو يرقات عثة تسمى دود القز.
دودة القز. عثة كبيرة بيضاء ذات أجنحة مخططة بالسواد، ويبلغ قياس العثة من نهايتي الجناحين 5سم، كما أن جسم العثة قصير وأرجلها ضخمة نسبيًا.
الحرير البري: يسمى التوسة ويستخرج من دود الحرير الذي يتغذى بأوراق البلوط، وتنمو هذه الديدان إلى أحجام كبيرة خصوصًا في الصين والهند، ويصعب تبييض حرير التوسة لأن لونه الطبيعي بني أو أصفر غامق، كما أنه أقل لمعانًا من الحرير الطبيعي، ويستخدم حرير التوسة نسيج حشو في المنسوجات، ويخلط غالبًا مع ألياف أخرى".
وفيها: " وهناك حيوانات أخرى كثيرة مثل العنكبوت وحشرات مجنحة تنسج أيضًا خيوطًا حريرية، لكن خيوطها غير اقتصادية بحيث يمكن تحويلها إلى أقمشة" انتهى.
فالسؤال عن لبس حرير العناكب سؤال افتراضي، فيما يظهر، فلا نعلم أنه قد وجد في الأسواق قماش من حرير العناكب، ولا ملابس من مصنوعة منه ؛ فلا نرى حاجة للبحث في أمره حتى يمكن صناعة قماش منه، فينظر فيه حينئذ.
والله أعلم.