أريد أن أسأل عن الحديث الصحيح : ( صلوا كما رأيتموني أصلي )، فعلى حسب علمي أن راوي الحديث هو الصحابي : مالك بن الحويرث رضي الله عنه ، وأنه قال : " كنا شببة " فكم كان عمره حينها أم إن السن لم يتحدد ؟
الحمد لله.
أخرج البخاري (6008)، ومسلم (674) عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ ، قَالَ : "أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً ، فَظَنَّ أَنَّا اشْتَقْنَا أَهْلَنَا ، وَسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا فِي أَهْلِنَا ، فَأَخْبَرْنَاهُ ، وَكَانَ رَفِيقًا رَحِيمًا ، فَقَالَ : ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ ، فَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ ، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ، وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ ، فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ " .
وقوله رضي الله عنه : " شببة متقاربون " جمع شاب ، ومعناه متقاربون في السن .
ينظر: "شرح مسلم" للنووي (5/174).
ولم يذكر أحد من أهل العلم - فيما نعلم - كم كانت أعمارهم وقت سماع هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يُعنَ أحد بالبحث عن ذلك .
ولكن بالنظر إلى أوجه الأقوال في حدِّ الشباب في اللغة ؛ فإن الذي يظهر أن أعمارهم كانت بين البلوغ إلى ثلاثين سنة ، والبلوغ يكون من 12 إلى 15 سنة تقريبًا ، بالنسبة للولد .
وقد جاء في "مجمع بحار الأنوار" (3/ 170) " الشباب : هو جمع شاب ، وهو من بلغ إلى ثلاثين سنة " انتهى.
وفي "تاج العروس" (3/ 92) " الشَّابُّ : البَالِغُ إِلَى أَنْ يُكَملِّ ثَلَاثِين . وَقيل : ابنُ سِتَّ عَشَرَةَ إِلى اثْنَتَيْن وثَلَاثِين ، ثُمَّ هُوَ كَهْلٌ " انتهى.
أما راوي الحديث :
فهو الصحابي الجليل : مالك بن الحويرث بن أشيم بن زبالة بن خشيش بن عبد ياليل بن ناشب ابن غيرة بن سعد بن ليث الليثي .
قال البغويّ : ويقال له : ابن الحويرثة ، وهو ليثي سكن البصرة ، وله أحاديث .
وقال ابن السّكن : مالك بن الحارث ، وساق نسبه . ثم قال : ويقال مالك بن الحويرث .
وقال شعبة : مالك بن حويرثة ، يكنى أبا سليمان : سكن البصرة .
مات بالبصرة سنة أربع وسبعين .
وقد وقع في الاستيعاب، لابن عبد البر أنه توفى سنة أربع و تسعين ، وتبعه على ذلك ابن طاهر وغيره ، وفيه نظر ، بل لا يصح ذلك ؛ لاتفاقهم على أن آخر من مات بالبصرة من الصحابة أنس بن مالك . حتى إن ابن عبد البر ممن صرح بذلك ، والظاهر أن ذلك تصحيف و أن وفاته سنة أربع و سبعين بتقديم السين ، وهو الذى فى كتاب أبى على ابن السكن بخط من يوثق به ، و به جزم الذهبى فى " مختصره ".
وينظر : "تهذيب التهذيب" (10 /14) و"الإصابة في تمييز الصحابة" (5/ 532)، و"الاستيعاب في معرفة الأصحاب" لابن عبد البر (3/ 1349).
والحاصل : أنه لم يذكر أحد من أهل العلم - فيما نعلم - كم كان عمر مالك بن الحويرث رضي الله عنه وقت سماع هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.