أتمنى أن أكون مخترعا، وأفيد مجتمعي المسلم في كل مكان، فهل حديث الرسول عليه الصلاة والسلام : (إن لكل داء دواء) يعني أو يشير إلى أن لكل مشكلة حلا ؟ وهل يجوز الاعتقاد واليقين أن لكل مشكلة حلا؟ وهل يجوز الاعتقاد أن الشخص نفسه لا يستطيع حل المشكلة رغم التوكل على الله، وهل ينافي التوكل على الله تعالى؟ وما هي نصائحكم تجاهي، وأنا أريد دخول مجال الاختراعات ؟
الحمد لله.
ينبغي للمسلم أن يجتهد ، ويتعلم العلم لينفع نفسه ، وأمته ، في المجال الذي يظن من نفسه إقبالا عليه ، ورغبة فيه، وليعلم أن كثيرا من العلوم والصناعات : هي فروض على الكفاية، وأنه يثاب إن حسنت نيته في ذلك.
وفي "الموسوعة الفقهية" (13/ 5): " تعلم العلم تعتريه الأحكام الآتية:
قد يكون التعلم فرض عين ، وهو تعلم ما لا بد منه للمسلم، لإقامة دينه وإخلاص عمله لله تعالى، أو معاشرة عباده. فقد فرض على كل مكلف ومكلفة - بعد تعلمه ما تصح به عقيدته من أصول الدين - تعلم ما تصح به العبادات والمعاملات ، من الوضوء والغسل والصلاة والصوم، وأحكام الزكاة، والحج لمن وجب عليه، وإخلاص النية في العبادات لله. ويجب تعلم أحكام البيوع على التجار ليحترزوا عن الشبهات والمكروهات في سائر المعاملات، وكذا أهل الحرف، وكل من اشتغل بشيء ، يفرض عليه تعلم حكمه ، ليمتنع عن الحرام فيه.
وقد يكون التعلم فرض كفاية، وهو تعلم كل علم لا يستغنى عنه في قيام أمور الدنيا ، كالطب والحساب والنحو واللغة والكلام والقراءات وأسانيد الحديث ونحو ذلك.
ومن التعلم ما هو مندوب، ومنه التبحر في الفقه بالتوسع فيه، والاطلاع على غوامضه، وكذا غيره من العلوم الشرعية.
وقد يكون التعلم حراما: ومنه تعلم الشعوذة، وضرب الرمل، والسحر وكذا الكهانة، والعرافة.
وقد يكون التعلم مكروها، ومنه تعلم أشعار الغزل مما فيه وصف النساء المعيّنات .
وقد يكون التعلم مباحا، ومنه الأشعار التي ليس فيها ما ينكر من استخفاف بأحد المسلمين ، أو ذكر عوراتهم أو نحو ذلك" انتهى.
فنوصيك بتقوى الله تعالى، والاجتهاد فيما أنت مقبل عليه، وابتغاء الأجر من الله تعالى بنفع المسلمين.
والمشاكل قد يجد لها الناس حلا، وقد لا يجدون، لكن من صدق توكله على الله في شيء وفقه الله، ويسر له سبل الخير فيه ؛ كما قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً الطلاق/2،3.
فمن توكل على الله تعالى كفاه وهداه، ورُجي له أن يجد الحل لما أشكل عليه، لكن قد يضعف توكله، فلا ينتج مطلوبه.
والتوكل: صدق اعتماد القلب على الله، مع الأخذ بالأسباب.
قال ابن القيم رحمه الله: " فأولياؤه وخاصته : يتوكلون عليه في الإيمان، ونصرة دينه، وإعلاء كلمته، وجهاد أعدائه، وفي محابه وتنفيذ أوامره.
ودون هؤلاء من يتوكل عليه في استقامته في نفسه، وحفظ حاله مع الله، فارغا عن الناس.
ودون هؤلاء من يتوكل عليه في معلوم يناله منه، من رزق أو عافية، أو نصر على عدو، أو زوجة أو ولد، ونحو ذلك.
ودون هؤلاء من يتوكل عليه في حصول الإثم والفواحش؛ فإن أصحاب هذه المطالب لا ينالونها غالبا إلا باستعانتهم بالله وتوكلهم عليه، بل قد يكون توكلهم أقوى من توكل كثير من أصحاب الطاعات، ولهذا يلقون أنفسهم في المتالف والمهالك، معتمدين على الله أن يسلمهم، ويظفرهم بمطالبهم.
ومن صدق توكله على الله في حصول شيء : ناله. فإن كان محبوبا له مرضيا كانت له فيه العاقبة المحمودة، وإن كان مسخوطا مبغوضا كان ما حصل له بتوكله مضرة عليه، وإن كان مباحا ، حصلت له مصلحة التوكل دون مصلحة ما توكل فيه. إن لم يستعن به على طاعاته. والله أعلم" انتهى من "مدارج السالكين" (2/ 114).
فبالتوكل على الله ، والأخذ بالأسباب التامة ، يحصل ما يريده المسلم من حل كل مشكلة .
غير أنه ينبغي أن يعلم أن العبد قد يحرم السبب الملائم لحل مشكلته ، وذلك رزق يؤتيه الله من يشاء.
وقد يحرم تمام التوكل على الله .
وقد لا يجيب الله تعالى الإنسان إلى ما يريد لحكمة منه سبحانه وتعالى.
نسأل الله أن يوفقك ويعينك ويستعملك في طاعته وما ينفع عباده.
والله أعلم.