الحمد لله.
إذا أخطأ قائد السيارة، وترتب على ذلك غرم، فالغرم عليه، لا على من أمره، أو طلب منه أن يسوق السيارة مجانا أو بأجرة، ولا على من ركب معه، سواء كان السائق يعلم بذلك أم لا.
فالجناية تتربت آثارها على الجاني المباشر لها، سواء جنى على نفسه أو على غيره.
قال في "نيل المآرب" (2/ 334): " (أو أمَرَ) مكلفٌ أو غيرُ مكلَّفٍ (مكلَّفاً ينزلُ بئراً أو يصعدُ شجرةً فهلَكَ) بنزولِهِ أو صعود الشَّجَرَةِ لم يضمنه، (أو تلف أجيرٌ لحفرِ بئرٍ، أو) أجيرٌ لـ (بناء حائطٍ، بهدمِ ونحوِ، أو أمكنه إنجاء نفسٍ من هَلَكَةٍ، فلم يفعل) لم يضمن، لأنه لم يفعل شيئاً يكون سبباً" انتهى.
وكونك لا تعلم بذلك وأنك لو علمت ما قدت السيارة، كل ذلك لا يرفع عنك الضمان، فالجهل بالضمان أو ما يترتب على الفعل ليس عذرا.
قال السيوطي رحمه الله: " اعلم ان قاعدة الفقه أن النسيان والجهل مسقط للإثم مطلقا. وأما الحكم فإن وقعا في ترك مأمور لم يسقط بل يجب تداركه ولا يحصل الثواب المترتب عليه لعدم الائتمار ، أو فعل منهي ليس من باب الإتلاف فلا شيء فيه ، أو فيه إتلاف لم يسقط الضمان فإن كان يوجب عقوبة كان شبهة في إسقاطها وخرج عن ذلك صور نادرة" انتهى من "الأشباه والنظائر"، ص 188.
ونظير هذا من يتبرع بإركاب أناس معه، فإنه لو أخطأ أو تسبب في حادث فمات أحد هؤلاء الركاب، لزمته ديته، مع أنه لو علم بذلك ما أركبه.
وكون صاحبك أخطأ في دلالتك على الطريق، أو تعمد أن يدخلك في طريق خاطئ، أو لم ينبهك، أو صرفك عن دفع المخالفة، مما أدى إلى دفعك أكثر منها، فإن ذلك كله لا يرتب عليه شيء بسبب ذلك؛ لأنك مكلف مختار، فعلت ذلك باختيارك، لكن كان يحسن به أن يبين لك أنك من ستتحمل تكلفة الإصلاح، وألا يتكلم بصيغة الجمع التي قد يفهم منها مشاركته في التكلفة، بل يحسن به أن يتحمل التكاليف، ما دمت قد سقت لمصلحته ولم تكن مفرطا، فهذا ما تقتضيه الشهامة ومراعاة الإحسان، لكن ذلك لا يلزمه.
والله أعلم.