الحمد لله.
"الماسونية هي جمعية سرية سياسية تهدف إلى القضاء على الأديان والأخلاق الفاضلة وإحلال القوانين الوضعية والنظم غير الدينية محلها ، وتسعى جهدها في إحداث انقلابات مستمرة وإحلال سلطة مكان أخرى بدعوة حرية الفكر والرأي والعقيدة . وهذا ما صرحوا ويصرحون به .
فمن ذلك ما أعلنه أحدهم في مؤتمر الطلاب الذي انعقد في 1865م في مدينة لييج التي تعتبر أحد المراكز الماسونية من قوله :
يجب أن يتغلب الإنسان على الإله ، وأن يعلن الحرب عليه . وأن يخرق السماوات ويمزقها كالأوراق . وجاء في المحفل الماسوني الأكبر سنة 1922م صفحة 98 ما نصه : سوف نقوي حرية الضمير في الأفراد بكل ما أوتينا من طاقة ، وسوف نعلنها حرباً شعواء على العدو الحقيقي للبشرية الذي هو الدين . ويقول الماسونيون : إن الماسونية تتخذ من النفس الإنسانية معبوداً لها .
ويقولون : إنا لا نكتفي بالانتصار على المتدينين ومعابدهم ، إنما غايتنا الأساسية إبادتهم من الوجود . مضابط المؤتمر الماسوني العالمي سنة 1903م صفحة 102 .
ويقولون : ستحل الماسونية محل الأديان وأن محافلها ستحل محل المعابد ... إلى غير ذلك مما فيه التصريح بشدّة عداوتهم للأديان ، وحربهم لها حرباً شعواء لا هوادة فيها .
والجمعيات الماسونية من أقدم الجمعيات السرية التي لا تزال قائمة ولا يزال منشؤها غامضاً وغايتها غامضة على كثير من الناس بل لا تزال غامضة على كثير من أعضائها . لإحكام رؤسائها ما بيتوا من مكر سيء وخداع دفين ولشدة حرصهم على كتمان ما أبرموه من تخطيط وما قصدوا إليه من نتائج وغايات . ولذا يدبر أكثر أمورها شفوياً .
وإن أريد كتابة فكرة أو إذاعتها عرضت قبل ذلك على الرقابة الماسونية لتقرها أو تمنعها . وقد وضعت أسس الماسونية على نظريات فأخذت من مصادر عدة ، أكثرها التقاليد اليهودية .
ويؤيد ذلك أن النظم والتعاليم اليهودية هي التي اتخذت أساساً لإنشاء المحفل الأكبر سنة 1717م ولوضع رسومه ورموزه وأن الماسونيين لا يزالون يقدسون حيرام اليهودي ، ويقدسون الهيكل والمعبد الذي شيده حتى اتخذوا منه نماذج للمحافل الماسونية في العالم ، وأن كبار الأساتذة من اليهود لا يزالون العمود الفقري للماسونية ، وهم الذين يمثلون الجمعيات اليهودية في المحافل الماسونية وإليهم يرجع انتشار الماسونية والتعاون بين الماسونية في العالم ، وهم القوة الكامنة وراء الماسونية وإلى خواصهم تسند قيادة خلاياها السرية يدبرون أمرها ويرسمون الخطط لها ويوجهونها سراً كما يشاءون ، ويؤيد ذلك ما جاء في مجلة أكاسيا الماسونية سنة 1908 م عدد 66 من أنه لا يوجد محفل ماسوني خال من اليهود وأن جميع اليهود لا تحتضن المذاهب بل هناك المبادئ فقط وكذلك الحال عند الماسونية ولهذه العلة تعتبر المعابد اليهودية خليفتنا ولذا نجد بين الماسونيين عدداً كبيراً من اليهود اهـ .
ويؤيد أيضاً ما ذكر في سجلات الماسونية من قولهم : لقد تيقن اليهود أن خير وسيلة لهدم الأديان هي الماسونية ، وأن تاريخ الماسونية يشابه تاريخ اليهود في الاعتقاد .. وأن شعارهم هو نجمة داود المسدسة، ويعتبر اليهود والماسونيون أنفسهم معا الأبناء الروحيين لبناة هيكل سليمان ، وأن الماسونية التي تزيف الأديان الأخرى تفتح الباب على مصراعيه لإعلاء اليهودية وأنصارها ، وقد استفاد اليهود من بساطة الشعوب وحسن نيتها ، فدخلوا في الماسونية ، واحتلوا المراكز الممتازة وبذلك نفثوا الروح اليهودية في المحافل الماسونية وسخروها لأغراضهم اهـ .
ومما يدل على شدة حرصهم على سريتها وبذلهم الجهد في كتمان ما يخططون لهدم الأديان وتبييتهم المكر السيء لإحداث الانقلابات السياسية ما جاء في بروتوكولات حكماء صهيون من قولهم : وسوف نركز هذه الخلايا تحت قيادة واحدة معروفة لنا وحدنا ، وستتألف هذه القيادة من علمائنا وسيكون لهذه الخلايا ممثلوها الخصوصيون ، كي تحجب المكان الذي تقيم فيه قيادتنا حقيقة ، وسيكون لهذه القيادة وحدها الحق في تعيين من يتكلم ، وفي رسم نظام اليوم ، وفي هذه الخلايا سنضع الحبائل والمصايد لكل الاشتراكيين وطبقات المجتمع الثورية ، وإن معظم الخطط السياسية السرية معروفة لنا وسنهديها إلى تنفيذها عندما تتشكل ، ولكن الوكلاء في البوليس الدولي السري تقريباً سيكونون أعضاء في هذه الخلايا ..وحينما تبدأ المؤامرات خلال العالم فإن بدأها يعني أن واحداً من أشد وكلائنا إخلاصاً يقوم على رأس هذه المؤتمرات وليس إلا طبيعيا أننا كنا الشعب الوحيد الذي يوجه المشروعات الماسونية ونحن الشعب الوحيد الذي يعرف أن يوجهها ونعرف الهدف الأخير لكل عمل على حين أن الأمميين ـ أي غير اليهود ـ جاهلون بمعظم هذه الأشياء الخاصة بالماسونية ولا يستطيعون حتى رؤية النتائج العاجلة لما هم فاعلون .
إلى غير ذلك مما يدل على قوة الصلة بين اليهودية والماسونية ، ومزيد التعاون بين الطائفتين في المؤامرات الثورية وإحداث الحركات الهادمة ، وعلى أن الماسونية في ظاهرها دعوة إلى الحرية في العقيدة والتسامح في الرأي والإصلاح العام للمجتعمات ، ولكنها في حقيقتها ودخيلة أمرها دعوة إلى الإباحية والانحلال وعوامل هرج ومرج وتفكك في المجتمعات ، وانفصام لعرى الأمم ومعاول هدم وتقويض لصرح الشرائع ومكارم الأخلاق وإفساد وتخريب العمران .
على هذا فمن كان من المسلمين عضواً في جمعة الماسونية وهو على بيّنة من أمرها ، ومعرفة بحقيقتها ودفين أسرارها أو أقام مراسمها وعني بشعائرها كذلك فهو كافر يستتاب فإن تاب وإلا قتل وإن مات على ذلك فجزاؤه جزاء الكافرين ، ومن انتسب إلى الماسونية وكان عضوا في جماعتها وهو لا يدري عن حقيقتها ولا يعلم ما قامت عليه من كيد للإسلام والمسلمين وتبييت الشر لكل من يسعى لجمع الشمل وإصلاح الأمم وشاركهم في الدعوة العامة والكلمات المعسولة التي لا تتنافى حسب ظاهرها مع الإسلام فليس بكافر ، بل هو معذور في الجملة لخفاء واقعهم عليه ، ولأنه لم يشارك في أصول عقائدهم ولا في مقاصدهم ورسم الطريق لما يصل بهم إلى غاياتهم الممقوتة ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى "
لكن يجب عليه أن يتبرأ منهم إذا تبين له أمرهم ويكشف للناس عن حقيقتهم ويبذل جهده في نشر أسرارهم وما بيتوا للمسلمين من كيد وبلاء ليكون ذلك فضيحة لهم ولتحبط به أعمالهم . ينبغي للمسلم أن يحتاط لنفسه في اختيار من يتعاون معه في شئون دينه ودنياه وأن يكون بعيد النظر في اصطفاء الأخلاء والأصدقاء حتى يسلم من مغبّة الدعايات الخلابة وسوء عاقبة الكلمات المعسولة ولا يقع في حبائل أهل الشرك ولا في شباكهم التي نصبوها للأغرار وأرباب الهوى وضعاف العقول "
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/312-315) بتصرف يسير .