اشترى أجهزة تليفونات من موقع على الانترنت لبيعها، وأحيانا بعد يومين أو ثلاثة ألاحظ أن سعر الجهاز قل، فهل يحرم إن قمت بعملية ارجاع للأجهزة للموقع علما أن سياسة الاسترجاع ١٤ يوما؟
الحمد لله.
أولا:
إذا كان الموقع يتيح للمشتري إرجاع السلعة خلال 14 يوما، سواء كانت السلعة سليمة أو معيبة، فهذا يدخل في خيار الشرط، ولك حينئذ إرجاع السلعة خلال هذه المدة لانخفاض سعرها، أو لغير ذلك من الأسباب.
قال ابن قدامة في "المغني" (3/ 498): "مسألة؛ قال: (والخيار يجوز أكثر من ثلاث) يعني ثلاث ليال بأيامها. وإنما ذكر الليالي؛ لأن التاريخ يغلب فيه التأنيث، قال الله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة [الأعراف: 142] . وقال تعالى: يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا [البقرة: 234] .
وفي حديث حبان: (ولك الخيار ثلاثا).
ويجوز اشتراط الخيار ما يتفقان عليه من المدة المعلومة، قلت مدته أو كثرت، وبذلك قال أبو يوسف، ومحمد، وابن المنذر. وحكي ذلك عن الحسن بن صالح، والعنبري، وابن أبي ليلى، وإسحاق، وأبي ثور.
وأجازه مالك فيما زاد على الثلاث بقدر الحاجة، مثل قرية لا يصل إليها في أقل من أربعة أيام؛ لأن الخيار لحاجته، فيقدر بها.
وقال أبو حنيفة، والشافعي: لا يجوز أكثر من ثلاث" انتهى.
ولكن ينبغي التنبه إلى أنك لو عرضت السلعة للبيع في مدة الخيار، سقط خيارك في مذهب الجمهور، من الحنفية والمالكية والحنابلة.
قال علاء الدين السمرقندي الحنفي: "وَأما الْإِسْقَاط بطرِيق الدّلَالَة؛ فَهُوَ أَن يُوجد مِمَّن لَهُ الْخِيَار تصرف يدل على إبْقَاء الْملك وإثباته، فالإقدام عَلَيْهِ يبطل خِيَاره تَحْقِيقا لغرضه .
إِذا ثَبت هَذَا فَنَقُول: إِذا كَانَ الْخِيَار للْمُشْتَرِي، وَالْمَبِيع فِي يَده ، فعرضه على البيع : بطل خِيَاره، لِأَن عرض المُشْتَرِي الْمَبِيع على البيع لاختياره الثّمن ، وَلَا يصير الثّمن ملكا لَهُ إِلَّا بعد ثُبُوت الْملك فِي الْمُبدل ، فَيصير مُخْتَارًا للْملك ، وَلَا يكون ذَلِك إِلَّا بِإِبْطَال الْخِيَار ، فَيبْطل بطرِيق الدّلَالَة" انتهى من "تحفة الفقهاء" (2/67).
وقال الشافعية –وهو وجه للحنابلة وقول للمالكية-: لا يسقط الخيار بعرض السلعة للبيع.
قال في "مغني المحتاج" (2/424): "(و) الأصح (أن العرض) للمبيع في زمن الخيار (على البيع ، والتوكيل فيه) ، والهبة والرهن ، إذا لم يتصل بهما قبض : (ليس فسخا من البائع ، ولا إجازة من المشتري) ؛ لعدم إشعارها من البائع بعدم البقاء عليه ، ومن المشتري بالبقاء عليه؛ لأنه قد يقصد أن يستبين ما يدفع فيه ليعلم أربح أم خسر؟" انتهى.
وقد أخذت "المعايير الشرعية بمذهب الشافعية وأن عرض المشتري للسلعة لا يسقط خيار الشرط له.
جاء في "المعايير" ص 110: "ولا يسقط الخيار بين المؤسسة والبائع الأصلي بعرض المؤسسة السلعة على العميل، بل بالبيع الفعلي إليه" انتهى.
وينظر: "معيار المرابحة"، د. محمد محمود الخضير، ص150.
ثانيا:
وأما إن كان الموقع لا يسمح بإرجاع السلعة إلا لوجود عيب أو خُلف في الصفة، فليس لك إرجاعها لرخص سعرها، بل ترد فقط بالعيب أو اختلاف السلعة عما وُصف لك؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المائدة/1، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
والله أعلم.