هل يوجد مشكلة في الاتفاق على سعر تبادل العملة، ثم الدفع من كلا الطرفين بعد الاتفاق بثلاث ساعات؟
الحمد لله.
الاتفاق على سعر العملة مع تأخير التقابض، يقع على صورتين:
الأولى: أن يكون الأمر مجرد مواعدة غير ملزمة، وإنما هي لتقريب الأمر ومعرفة السعر المتوقع، ولا يتم عقد الصرف الجازم إلا عند حضور المالين، وإذا تغير السعر الفعلي، تغير الاتفاق: فهذا لا حرج فيه.
قال الشافعي رحمه الله: وإذا تواعد الرجلان الصرف: فلا بأس أن يشتري الرجلان الفضة ثم يقرانها عند أحدهما حتى يتبايعاها، ويصنعا بها ما شاءا" انتهى من الأم (3/ 32).
الصورة الثانية: أن يكون هذا اتفاقا ملزما أو مواعدة ملزمة، ويتأخر تسليم البدلين أو تسليم أحدهما، فهذا ربا محرم؛ إذْ شرط تبادل العملات هو التقابض في المجلس.
وينظر للفائدة.
روى البخاري (2060) ومسلم (1589) عن البَرَاء بْن عَازِبٍ، وَزَيْد بْن أَرْقَمَ قَالاَ: كُنَّا تَاجِرَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلاَ بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ نَسَاءً فَلاَ يَصْلُحُ .
ولفظ مسلم: مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَهُوَ رِبًا .
قال ابن المنذر رحمه الله: "وأجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا، أن الصرف فاسد" انتهى من "الإشراف على مذاهب العلماء" (6/ 61).
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13 / 456): "لا يجوز بيع وشراء العملات بعضها ببعض إلا إذا تم التقابض في مجلس العقد، وإذا كانت من جنس واحد، فلا بد من التماثل مع التقابض، فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا تُشِفُّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الوَرِق بالوَرِق [أي : الفضة] إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز).
فدل قوله عليه الصلاة والسلام: (ولا تبيعوا منها غائبا بناجز) على اشتراط التقابض في مجلس العقد، وعدم صحة بيع الخيار" انتهى .
ومعنى : (لا تُشفوا) أي : لا تزيدوا .
والله أعلم.