أريد شراء أسهم في شركات في سوق الأسهم المالية، ووجدت هيئة لفحص الأسهم الحلال تسمى هيئة المحاسبة والتدقيق للمؤسسات المالية الإسلامية، الذين يتحققون مما إذا كانت الشركات جائزة للاستثمار فيها من خلال إنشاء معيار الشريعة، لكن لا أعرف ما إذا كان المعيار الشرعيّ جدير بالثقة، فهل يمكن أن تنصحني إذا كنت أستطيع أن أثق في نصيحتهم أم لا؟
الحمد لله.
أولا:
لا حرج في التعامل بالأسهم، بشرط أن تكون نقية، لا مختلطة ولا محرمة.
والسهم النقي: سهم الشركة ذات النشاط المباح بشرط ألا تتعامل بالربا لا إيداعا ولا اقتراضا.
والسهم المختلط: سهم الشركة ذات النشاط المباح، كشركات النفط والكهرباء والدواء ونحوها، إذا كانت تقترض بالربا، أو تودع بالربا.
ويمكنك معرفة كون الشركة تودع أو تقترض بالربا، أو لا، عن طريقة مراجعة التقرير السنوي لها.
وقد صدر من مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة 1412هـ الموافق 9 - 14 أيار (مايو) 1992 م، قرار بشأن الأسهم، جاء فيه:
"أ- بما أن الأصل في المعاملات الحل: فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مشروعة: أمر جائز.
ب- لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم، كالتعامل بالربا أو إنتاج المحرمات أو المتاجرة بها.
ج- الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحياناً بالمحرمات، كالربا ونحوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة." انتهى من "مجلة المجمع" (عدد 6، ج2 ص 1273 والعدد السابع ج 1 ص 73 والعدد التاسع ج2 ص5).
قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بشأن الأسهم
كما صدر من مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الرابعة عشرة سنة 1415 هـ الموافق 1995 قرار بهذا الخصوص، ونصه:
"1-… بما أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة؛ فإن تأسيس شركة مساهمة أغراضها وأنشطتها مباحة أمر جائز شرعا.
2-…لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم، كالتعامل بالربا أو تصنيع المحرمات أو المتاجرة فيها.
3-…لا يجوز للمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا أو تصنيع المحرمات أو المتاجرة فيها.
4-…إذا اشترى شخص وهو لا يعلم أن الشركة تتعامل بالربا، ثم علم؛ فالواجب عليه الخروج منها.
والتحريم في ذلك واضح لعموم الأدلة من الكتاب والسنة في تحريم الربا؛ ولأن شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا، مع علم المشتري بذلك: يعني اشتراك المشتري نفسه في التعامل بالربا، لأن السهم يمثل جزءا شائعا من رأس مال الشركة، والمساهم يملك حصة شائعة في موجودات الشركة، فكل مال تقرضه الشركة بفائدة، أو تقترضه بفائدة: فللمساهم نصيب منه، لأن الذين يباشرون الإقراض والاقتراض بالفائدة يقومون بهذا العمل نيابة عنه، وبتوكيل منه، والتوكيل بعمل محرم لا يجوز.
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين." انتهى.
ثانيا:
هيئة المحاسبة جهة معتبرة، ولها جهد مشكور جدا فيما تضع من معايير شرعية للمعاملات، لكنها تجيز التعامل بالأسهم المختلطة بشروط:
جاء في كتابها "المعايير الشرعية" المعيار رقم (21) الأوراق المالية (الأسهم والسندات) ص365:
"3/4 المساهمة أو التعامل (الاستثمار والمتاجرة) في أسهم شركات أصل نشاطها حلال، ولكنها تودع أو تقترض بفائدة:
الأصل حرمة المساهمة والتعامل (الاستثمار والمتاجرة) في أسهم شركات تتعامل أحيانا بالربا أو نحوه من المحرمات، مع كون أصل نشاطها مباحاً. ويستثنى من هذا الحكم المساهمة أو التعامل (الاستثمار أو المتاجرة) بالشروط الاتية:
فهيئة المعايير المحاسبية تجيز التعامل بالأسهم المختلطة بالشروط السابقة، ومنها ألاَّ يتجاوز المبلغ المودَع بالربا 30 % من القِيمة السوقية لمجموع أسهُم الشركة.
وينظر نقد مختصر لما ذهبت إليه المعايير، في هذا الرابط
وعليه؛ فيلزم قبل الاتجار في سهم من الأسهم أن يُعرف هل هو نقي أو مختلط، فإن نصت هيئة المحاسبة على لزوم التطهير: تبين أنه سهم مختلط، ولا يجوز الدخول فيه، على القول الراجح الذي نفتي به.
والله أعلم.