هل يصح القول إن مصيبة تارك الصلاة أعظم من مصيبة إبليس؛ لأن إبليس رفض السجود لآدم، وتارك الصلاة رفض السجود لرب آدم؟
الحمد لله.
هذه العبارة ليست بصحيحة المعنى؛ لأمور:
أولا:
عصيان إبليس بعدم السجود لآدم، لم يكن عصيانا لأمر آدم عليه السلام، وإنما هو عصيان لأمر الله تعالى، فهو ليس بأقل جرما ممن عصى أمر الله تعالى بالصلاة، ولذا كفر بعدم السجود.
قال الله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ البقرة/34.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" السجود لغير الله إذا كان بأمر الله فهو عبادة؛ لأن لله تعالى أن يحكم بما شاء؛ ولذلك لما امتنع إبليس عن هذا كان من الكافرين" انتهى من"تفسير سورة البقرة" (ص 126).
ثانيا:
عصيان إبليس لله تعالى اقترن به الاعتراض على أمر الله تعالى، والاستكبار عن طاعته؛ ولا شك أن هذا أشد مناقضة لتعظيم الله تعالى الذي عليه مدار الإيمان.
كما في قوله تعالى: قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ الأعراف /12-13.
ثالثا:
عصيان إبليس أشد؛ لأن الحجة عليه كانت أعظم، فقد رأى من عظمة الله تعالى، وعظيم سلطانه ما لم يره تارك الصلاة.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" وتغلّظ الكفر الموجب لتغلّظ العذاب يكون من ثلاثة أوجه:...
الجهة الثانية: تغلّظه بالعناد والضلال عمدا على بصيرة، ككفر من شهد قلبه أن الرسول حق لما رآه من آيات صدقه، وكفر عنادا وبغيا، كقوم ثمود، وقوم فرعون، واليهود الذين عرفوا الرسول كما عرفوا أبناءَهم، وكفر أبى جهل وأُمية ابن أبى الصلت وأمثال هؤلاء" انتهى من"طريق الهجرتين" (2/895).
من الواضح مما ذكرناه في الجواب: أن هذا ليس تهوينا من شأن ترك الصلاة، فإن أدلة القرآن والسنة وإجماع الصحابة قد دلت على كفر تارك الصلاة، وأنه لا حظ له في الإسلام؛ ولكن الكفر درجات، بعضه أعظم من بعض؛ وكذلك: بعض الشر أهون من بعض!!
والله أعلم.