الحمد لله.
أولا:
لا حرج في العمل في الوساطة بجلب الزبائن لشركات السياحة، إذا كانت السياحة مباحة، ليس فيها عري ولا اختلاط ولا سفر نساء بلا محرم، ولا زيارة لأماكن محرمة كدور اللهو والمسارح ونحوها.
ثانيا:
إذا جاء الوسيط بالزبون استحق عمولته.
فإن حصل فسخ بين الشركة والزبون، فهل يلزم الوسيط رد العمولة؟
في ذلك تفصيل:
1 - إن كان الفسخ باختيار العاقدين، كالفسخ بالإقالة، فلا تسقط أجرة الوسيط لأن أجرته استقرت بانتهاء عمله؛ والفسخ تم بالتراضي بين الطرفين.
2 - وإن كان الفسخ بسبب لا يقف على رضاهما، كوجود عيب ترد به السلعة، أو تبين أن لها مستحقا آخر، فللفقهاء في استحاق الوسيط الأجرة قولان:
الأول: أنه لا يستحق الأجرة، وإليه ذهب المالكية والحنابلة. وذلك لأن العقد انتقض، فلم يحصل تمام العمل الذي يستحق به الوسيط الأجر.
الثاني: أنه يستحق الأجرة، إلا إن تبين أن العقد لم ينعقد أصلا، كأن يكون المبيع حرا أو وقفا. وذلك لأن أجرته مقابل عمله، وقد تم العمل، فاستحق الأجرة. وهذا مذهب الحنفية.
وينظر: أحكام الوساطة التجارية، للدكتور عبد الرحمن بن صالح الأطرم، ص 395
وقد ذكر العلامة السعدي قاعدة مفيدة في ذلك فقال: "القاعدة الثالثة والخمسون: إذا تبين فساد العقد، بطل ما بُني عليه، وإن فسخ فسخا اختياريا، لم تبطل العقود الطارئة قبل الفسخ، وهذا ضابط وفرق لطيف" انتهى من "القواعد والأصول الجامعة"، ص 105.
وقال في "مطالب أولي النهى" (5/215): " (ومن أخذ شيئا بسبب عقد) بيع ونحوه ، (كدلال) وكيال ووزان، (فقال ابن عقيل) في 'النظريات': (إن فسخ) بيع (بنحو إقالة ، مما يقف على تراض) من المتعاقدين ، كشرط الخيار لهما ثم يفسخان البيع : (لم يرده) أي: المأخوذ ; للزوم البيع . وإلا يقف الفسخ على تراضيهما ، (كفسخ لعيب : يرده) أي: المأخوذ بسبب العقد ; لأن البيع وقع مترددا بين اللزوم وعدمه " انتهى.
والذي يظهر أنه إن كانت الشركة مُنعت من العمل فهي معذورة في فسخ العقد مع الزبائن.
لكن يلزمك أن ترد العمولة حينئذ؛ لأن العمولة مقابل حصول العقد، وقد نُقض العقد بغير تراضيهما، أو بغير اختيار ممن دفع العمولة ورضاه، ولا حصل له شيء من مقصوده!!
والله أعلم.