الحمد لله.
أولا:
هذا الخبر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/269)، قال: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ الدُّورِيُّ.
وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3/1709)، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ.
كلاهما: الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ و مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: عن مُؤَمَّلِ بْنِ هِشَامٍ، حدثنا يَحْيَى بْنُ عبّاد، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: ( رُبَّمَا أَفْطَرَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى الْجِمَاعِ ).
وإسناد الطبراني رجاله ثقات إلا يَحْيَى بْنُ عبّاد فهو صدوق.
فالهيثم بن خلف شيخ الطبراني وثقه أهل العلم، ومن ذلك قول الذهبي رحمه الله تعالى:
" الهيثم بن خلف الحافظ الثقة أبو محمد الدوري...
قال الإسماعيلي: كان أحد الأثبات.
وقال أحمد بن كامل: لم يغير شيبه، وكان كثير الحديث جدا ضابطا لكتابه " انتهى من "تذكرة الحفاظ" (2/234).
ومؤمل بن هشام والسري بن يحيى ثقتان.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" السري بن يحيى بن إياس بن حرملة الشيباني، البصري: ثقة، أخطا الأزدي في تضعيفه" انتهى من "تقريب التهذيب" (ص 230).
وقال الذهبي رحمه الله تعالى:
" السري بن يحيى الشيباني البصري...
قال القطان: ثقة ثبت " انتهى من "الكاشف" (1/427).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" مؤمل بن هشام اليشكري، أبو هشام البصري، ثقة " انتهى. "تقريب التهذيب" (ص 555).
و يَحْيَى بْنُ عبّاد، هو الضبعي أبو عباد، صدوق.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" يحيى بن عباد الضُّبَعي أبو عباد البصري... صدوق " انتهى. "تقريب التهذيب" (ص 592).
وقال الذهبي رحمه الله تعالى:
" يحيى بن عباد الضبعي... صالح " انتهى. "الكاشف" (2/368).
وحسّن الهيثمي هذا الإسناد، كما في "مجمع الزوائد" (3/156).
وقال بدر الدين العيني رحمه الله تعالى:
" وروينا عن ابن عمر: ( أنه كان ربما أفطر على الجماع )، رواه الطبراني من رواية محمد ابن سيرين عنه، وإسناده حسن.
وذلك يحتمل أمرين: أحدهما: أن يكون ذلك لغلبة الشهوة، وإن كان الصوم يكسر الشهوة... "انتهى. "عمدة القاري" (11/66).
وهذا المحمل يؤيّده ما أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3/1709) بعد الخبر السابق؛ حيث قال:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حدثنا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، حدثنا أَبُو عَبَّادٍ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، قَالَ: ( رُبَّمَا أَفْطَرَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى الْجِمَاعِ ).
وَعَنِ السَّرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: ( لَقَدْ أُعْطِيتُ مِنْهُ شَيْئًا، لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أُعْطِيهِ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ).
ومجاهد هو ابن جبر الإمام المشهور.
وعبد الكريم هو ابن رشيد.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
" عبد الكريم بن رشيد - أو بن راشد – عن: أنس، ومطرف بن الشخير. وعنه: السري بن يحيى، وإسحاق بن أسيد. وثقه بن معين " انتهى من "الكاشف" (1/661).
ومحمد بن إسحاق هو الإمام ابن خزيمة.
لكن شيخ أبي نعيم أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ أبو حامد الجلودي، لم نجد له ترجمة .
ثانيا:
القوة الجنسية، كسائر قوى الإنسان كالبصر والسمع والحفظ والعضلات، قد يرزقها الله تعالى الكافر مثل المؤمن، لأنها من أسباب الاختبار والامتحان في هذه الدنيا، فقد يزاد فيها للكافر والفاجر، وينقص منها عند المؤمن، والعكس، ولا نعلم من نصوص الشرع ما يدل على أن المؤمن أشد قوة في هذا من غيره.
واستدلال المشار إليهم في السؤال بقصة ابن عمر على ما يقولون ، فيه ما فيه من الهوى، والتلبيس، وطلب الغرائب، والاستدلال بما لا دليل فيه؛ والغالب أن لا يسوق ذلك من يسوق إلا في مقام الغمز واللمز للصالحين من عباد الله!!
وإلا؛ فهناك من الصحابة من هم أفضل وأقوى إيمانًا من ابن عمر ومع ذلك لم يرد شيء من هذا عنهم ، كالعشرة المبشرين بالجنة ، رضي الله عن الصحابة أجمعين.
ثم إن ابن عمر نفسه ذكر في الرواية التي سقناها، أنه لم يكن يعلم من يشبهه فيما أوتي من ذلك!!
والذي ينبغي للمؤمن أن ينشغل به : هو ما ينفعه في أمر دينه ودنياه ، ويدع ما لا يعنيه ، فـ (مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ) رواه الترمذي 2239 وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
والله أعلم.