ما حكم سب أولاد وآباء الأنبياء ؟ مثل ابن النبي نوح.
الحمد لله.
قبل الجواب عن السؤال نقول: ما الحاجة لهذا التكلف والتعمق والسؤال عما لا عمل وراءه!
فما حاجة العاقل لسب ابن نوح، أو أبي إبراهيم عليه السلام؟
وهل مر بك من يسبه حتى تسأل عن حكمه؟
قد كان السلف يكرهون هذا، وقد يزجرون صاحبه ولا يجيبونه.
فالنصيحة أن تقبل على شأنك ، وأن تسأل عما ينفعك ، وألا تشغل غيرك بمثل هذا.
وأما السب فقد روى البخاري (1393) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا .
وقد حمله بعض الشراح على العموم إلا ما خصه الدليل، وقيد بعضهم المنع من سب الكافر بما إذا كان السب يؤذي الحي من أقاربه ونحوه.
قال الحافظ ابن حجر: "وقال ابن رشيد ما محصله أن السب ينقسم في حق الكفار وفي حق المسلمين، أما الكافر فيمنع إذا تأذى به الحي المسلم، وأما المسلم فحيث تدعو الضرورة إلى ذلك، كأن يصير من قبيل الشهادة وقد يجب في بعض المواضع, وقد يكون فيه مصلحة للميت، كمن علم أنه أخذ ماله بشهادة زور ومات الشاهد، فإن ذكر ذلك ينفع الميت إن عُلم أن ذلك المال يرد إلى صاحبه.
قال: ولأجل الغفلة عن هذا التفصيل ظن بعضهم أن البخاري سها عن حديث الثناء بالخير والشر، وإنما قصد البخاري أن يبين أن ذلك الجائز كان على معنى الشهادة، وهذا الممنوع هو على معنى السب، ولما كان المتن قد يشعر بالعموم، أتبعه بالترجمة التي بعده.
وتأول بعضهم الترجمة الأولى على المسلمين خاصة، والوجه عندي حمله على العموم، إلا ما خصصه الدليل" انتهى من "فتح الباري" (3/ 258).
وقال الصنعاني: " ظاهره العموم للمؤمنين والكفار.
وقيل سب ميت الكفار قربة ؛ وقوله: (فإنهم قد أفضوا) - وَصَلوا - (إلى ما قدموا) من الأعمال: يُشعر بأنه عام، لعموم العلة. قال النووي: يحرم سب الأموات بغير حق ومصلحة. يريد: ويجوز للمصلحة، كجرح الرواة ونحوه؛ قال النووي: إجماعًا" انتهى من "التنوير شرح الجامع الصغير" (11/ 102).
والذي يتأكد هنا هو المنع لأمور:
1-عموم النهي عن سب الأموات.
2-أنه لا مصلحة منه ألبتة؛ بل فيه من التكلف البارد السمج، والاشتغال بما لا منفعة فيه، ولا تقتضيه الحال، ولا تدعو إليه الطباع؛ فيه من ذلك كل ما لا يخفى على فطن.
3-مقام الأنبياء الكرام، فلك أن تتصور لو كان النبي منهم حيا؛ أليس كان يؤذيه أن تسب ابنه أو أباه؟!
ثم إن السب هنا لا بد فيه من ذكر اسم النبي، ونسبة المسبوب إليه، كابن فلان أو والد فلان، وفي ذلك إزراء بمقام النبي نفسه، واسمه، وقرن اسمه بسب ابنه أو أبيه.
والله أعلم.