الحمد لله.
الشركاء في الملك إذا رغب أحدهم في البيع، وكان لا يمكن قسمته إلا بضرر، أو يحتاج إلى رد عوض: أجبر الجميع على ذلك، فإن أبى أحدهم باع عليه الحاكم، وقسم الثمن بين الشركاء على قدر حصصهم.
وإن رغب أحد الشركاء في الشراء، فهو مقدم؛ لحقه في الشفعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وما لا يمكن قسم عينه، إذا طلب أحد الشركاء بيعه وقسم ثمنه: بِيع، وقُسم ثمنه. وهو المذهب المنصوص عن أحمد في رواية الميموني، وذكره الأكثرون من الأصحاب" انتهى من "الاختيارات الفقهية ضمن الفتاوى الكبرى" (4/636).
وقال في "الروض المربع": " وهي [أي القسمة] نوعان:
قسمة تراض، وأشار إليها بقوله: "لا تجوز قسمة الأملاك التي لا تنقسم إلا بضرر"، ولو على بعض الشركاء، "أو" لا تنقسم إلا بـ "رد عوض" من أحدهما على الآخر، "إلا برضى الشركاء" كلهم؛ لحديث: "لا ضرر ولا ضرار" رواه أحمد وغيره. وذلك "كالدور الصغار والحمام والطاحون الصغيرين"، والشجر المفرد "والأرض التي لا تتعدل بأجزاء ولا قيمة، كبناء أو بئر" أو معدن "في بعضها" أي بعض الأرض؛ "فهذه القسمة في حكم البيع": تجوز بتراضيهما، ويجوز فيها ما يجوز في البيع خاصة، "ولا يجبر من امتنع" منهما "من قسمتهما"؛ لأنها معاوضة، ولما فيها من الضرر.
ومن دعا شريكه فيها إلى بيع: أُجْبر.
فإن أبى، باعه الحاكم عليهما، وقسم الثمن بينهما على قدر حصصهما.
وكذا لو طلب الإجارة، ولو في وقف.
والضرر المانع من قسمة الإجبار: نقص القيمة بالقسمة ...
النوع الثاني: قسمة إجبار، وقد ذكرها بقوله: "وأما ما لا ضرر" في قسمته"، ولا رد عوض في قسمته، كالقرية والبستان والدار الكبيرة والأرض "الواسعة"، والدكاكين الواسعة، والمكيل والموزون من جنس واحد؛ كالأدهان والألبان ونحوها؛ إذا طلب الشريك قسمتها، أُجبر " شريكه "الآخر عليها"، إن امتنع من القسمة مع شريكه" انتهى من "الروض الربع"، ص 469
وعليه؛ فإذا كانت الأرض كبيرة لا تنقص قيمتها بالقسمة، فلك أن تطالب بالقسمة، وتستقل بنصيبك، ويُجبر إخوانك على ذلك؛ إذا كان يمكن تقسيمها من ناحية البائع، أو من الناحية النظامية.
وإن كان ينقص قيمتها بالقسمة، أو كان في جزء منها بناء مثلا، ولا بد من رد عوض على بعض الشركاء، فالقسمة هنا لا تتم إلا برضى الجميع؛ لأنها في حكم البيع.
وإذا أراد أحد إخوانك بيع هذه الأرض التي لا تقسم إلا بالتراضي، لزمك الموافقة على البيع، فتباع لأجنبي، أو تشتريها إن أمكنك ذلك.
ولا يجوز لك إخفاء أوراقها أو إخفاء المال، فهذا عدوان على الشركاء، وغصب لمنفعتهم.
وأما تعليمهم المسئولية فيكون بعدم اشتراكك معهم مستقبلا؛ إذ لا تستقيم الشركة مع التردد والتعجل في اتخاذ القرارات وعدم التشاور.
والله أعلم.