الحمد لله.
لا حرج في تعين شاة للأضحية ولو كان ذلك قبل العيد بمدة، بشرط أن تتوفر فيها شروط الأضحية من السن، والسلامة من العيوب المانعة من الإجزاء، ويشترط في السن أن تكون الشاة من الغنم في وقت الأضحية: لا تقل عن ستة أشهر، فإن كانت من المعز اشترط ألا تقل عن سنة.
والفقهاء يبحثون مسألة تعيين الأضحية وما يترتب على كونها تلد بعد التعيين، أو تتعيب، أو تهلك، وهذا تقرير منهم للأصل، وهو جواز أن يكون التعيين قبل مدة؛ إذ لا دليل على اشتراط أن يكون ذلك في العيد أو قبله بقليل.
قال في "الشرح الممتع" (7/ 466): "قوله: ويتعينان بقوله: هذا هدي، أو أضحية لا بالنية، أي: الهدي والأضحية بقوله: هذا هدي بالنسبة للهدي، أو أضحية بالنسبة للأضحية، فيتعينان بالقول، ولا يتعينان بالنية، ولا بالشراء، فلو اشترى شاة بنية أن يضحي بها فإنها لا تتعين ما دامت في ملكه، إن شاء باعها وإن شاء فسخ النية، وإن شاء تصدق بها، وإن شاء أهداها.
وكذلك لو اشترى شاة يريد أن تكون هدياً كهدي متعة ـ مثلاً، وفي أثناء الطريق قبل أن يقول: هي هدي، أراد أن يبيعها فلا بأس.
وهنا فرق بين أن يقول: هذا هدي، أو هذه أضحية على سبيل الإخبار، وبين أن يقول: هذا هدي أو أضحية على سبيل الإنشاء، ويظهر الفرق بينهما بالمثال:
رجل يجر شاة فقال له من رآه: ما هذه؟ قال: هذه شاة للأضحية، يعني أنها شاة يريد أن يضحي بها، فهذا خبر وليس بإنشاء، بخلاف ما إذا قال: هذه أضحية لله، وأنشأ أن تكون أضحية فإنها حينئذ تتعين...
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أنه إذا اشتراه بنية الأضحية، أو بنية الهدي؛ أنه يكون هدياً أو يكون أضحية، وأنه لا يشترط لذلك لفظ؛ لأن المقصود أن يتعين هذا أضحية أو هدياً، وهذا يحصل بالنية لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.
ولكن الأظهر ما ذهب إليه المؤلف ـ رحمه الله ـ وهو المشهور من المذهب، بدليل أن الإنسان لو اشترى عبداً ليعتقه في كفارة أو غيرها فلا يعتق، أو اشترى بيتاً ليوقفه على الفقراء أو المساكين، أو طلبة العلم، أو ما أشبه ذلك، فإنه لا يكون البيت وقفاً بمجرد الشراء حتى يفعل ما يختص بهذا الشيء...
وَإِذَا تَعَيَّنت لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا، ولاَ هِبَتُهَا إِلاَّ أن يُبْدِلَهَا بِخَيرٍ مِنْهَا وَيَجُزُّ صُوفَها وَنَحْوَه إِنْ كَانَ أنْفَعَ لَهَا .
قوله: وإذا تعينت لم يجز بيعها، شرع في الأحكام التي تترتب على تعيينها، فإذا تعينت لم يجز بيعها؛ لأنها صارت صدقة لله، كالوقف لا يجوز بيعه، والعبد إذا أعتق لا يجوز بيعه فلا يجوز بيعها بأي حال من الأحوال، حتى لو ضعفت وهزلت فإنه لا يجوز له بيعها" انتهى.
والحاصل:
أنه يجوز تعيين الأضحية قبل العيد، ولا دليل على اشتراط كون ذلك في العيد أو قبله بقليل، كما لا نعلم قائلا به.
والله أعلم.