والدتي ترغب بمنح زكاة مالها لزوجة ابنها، فهل يجوز لها ذلك وفقا للمذهب المالكي ؟
الحمد لله.
أولا:
الزكاة لها مصارفها المبينة في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌالتوبة/60.
وزوجة الابن إن كنت غارمة، ولا تملك ما تسدد بها دينها: جاز إعطاؤها من الزكاة لذلك؛ لأن الزوج لا يلزمه سداد دين زوجته.
وأما إن أريد إعطاؤها الزكاة لوصف الفقر أو المسكنة فلا يجوز لأمرين:
الأول: أن الزوج ملزم بنفقتها، فتستغني بذلك عن الزكاة.
الثاني: أنه على فرض أن الزوج فقير لا يجد كفاية زوجته، فإن والد الزوج إن كان غنيا يلزمه أن ينفق على ابنه ومن يعول.
فإن كان والد الزوج ميتا، وكانت أمه غنية: لزمها ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله:"كُلُّ مِنْ لَزِمَهُ إعْفَافُهُ، لَزِمَتْهُ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْإِعْفَافِ إلَّا بِذَلِكَ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ نَفَقَةُ زَوْجَةِ الِابْنِ. وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الِابْنَ كَانَ يَجِدُ نَفَقَتَهَا." انتهى من "المغني" (8/ 217).
وقال في (8/ 212): " فَإِنَّ الْأُمَّ تَجِبُ نَفَقَتُهَا، وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ" انتهى.
وما دامت الأم ملزمة بالنفقة، لم يجز أن تحمي مالها، وتعطي الابن أو زوجته من الزكاة.
واستثى بعض أهل العلم صورة أخرى- غير الدين- يجوز أن تعطى فيها الزكاة لزوجة الابن:
وهي ما إذا كان زوجها فقيرا، وأمه لا تقدر على الإنفاق عليه، فلها أن تعطي ولدها من الزكاة، وأن تعطي زوجة ولدها من الزكاة.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "هل يجوز دفع زكاة المال إلى زوجة الابن؟
فأجاب: أما دفع الزكاة لزوجة الابن: فإن كان ذلك للإنفاق عليها فهي مستغنية بإنفاق زوجها عليها، ليست من أهل الزكاة.
وإن كان زوجها فقيراً: وجب على أبيه أن ينفق على ابنه وعلى زوجة ابنه من ماله الخاص، وحين إذن لا يعطيها من الزكاة.
وأما إن كانت زوجة الابن تحتاج المال لوفاء دين عليها: فلا بأس أن يعطيها أبو زوجها من زكاته لتقضي دينها.
وكذلك لو فرض أن أبا الزوج ليس عنده إلا مال قليل، لا يكفيه وعائلته إلا بمشقة؛ فيجوز أن يعطي من زكاته زوجة ابنه؛ لأنه في هذه الحال لا يلزمه الإنفاق على زوجة ابنه، لعدم قدرته على ذلك" انتهى من موقع الشيخ ابن عثيمين
ثانيا:
أما مذهب المالكية ففيه تفصيل:
وقد لخص مذهبهم الدكتور بشير الشقفة في كتابه "الفقه المالكي في ثوبه الجديد" (1/ 415) فقال:
"يجوز للرجل أن يعطي زكاته لكل من لا تلزمه نفقته من أقاربه. وأما من تلزمه نفقته، أو كان في عياله: فلا يجوز إعطاؤها إليه.
وعلى هذا:
(أ) لا يجوز للابن دفع زكاته إلى والديه...، إلا إذا كان على والده دين؛ فيجوز أن يدفع زكاته إليه لسداد دينه.
(ب) ولا يجوز للرجل دفعها إلى أولاده الصغار، ولا إلى من بلغ من أولاده مجنونا أو أعمى أو عاجزًا أو مريضا مرضا مزمنا يمنعه من التكسب؛ لأن كل هؤلاء نفقتهم على أبيهم.
(ج) يجوز أن يصرف الزكاة إلى أولاده الذكور العقلاء البالغين الفقراء، إذا لم يكونوا في عياله، وإلى بناته العاقلات الفقيرات المتزوجات، لأن نفقتهم تسقط عن أبيهم ببلوغ الذكر عاقلا، وبدخول الزوج بالبنت. فإن طلقت، أو توفي عنها زوجها: إن التزم بنفقتها، لا يعطيها من الزكاة، وإلا أعطاها" انتهى.
وفي "الموسوعة الفقهية" (23/ 326): "واستثنى الحنفية في ظاهر الرواية من فرض له القاضي النفقة على المزكي، فلا يجزئ إعطاؤه الزكاة، لأنه أداء واجب في واجب آخر.
على أنهم نصوا على أن يجوز أن يدفعها إلى زوجة أبيه وزوجة ابنه وزوج ابنته." انتهى.
وعلم بهذا جواز إعطاء الزكاة لزوجة الابن على مذهب الحنفية، وكذا على مذهب المالكية إذا كان الابن بالغا عاقلا قادرا على الكسب ليس في عيال المزكي.
والله أعلم.