عن مدى صحة العملية التالية وحكمها وما الحكم المترتب على من سبق وأن تعامل بها وماذا عليه أن يفعل ؟
تفاصيل وخطوات عملية المرابحة (كما تُدعى لدى البنك) :
1- يحضر المشتري عرض أسعار باسم البنك من صاحب السلعة الرئيسي (معرض أو وكالة سيارات مثلا) متضمنا وصف السيارة ولونها ومواصفاتها وسعرها(مائة ألف ريال مثلا).
2- يقوم المشتري بإحضار خطاب تعريف بالراتب ونموذج تحويل الراتب للبنك للمدة المتفق عليها مع البنك (ثلاث سنوات مثلا) لسداد القيمة الإجمالية والمتضمنة أصل السعر مضافا إليه فائدة البنك (7% مثلا) .
3- يتم إبرام العقد متضمنا مصاريف إصدار العقد بمبلغ معين (1000ريال مثلا) والتوقيع عليه من قبل المشتري والبنك والشهود .
4- يقوم البنك بإصدار شيك مصرفي باسم المعرض أو الوكالة بقيمة السيارة المضمنة بعرض الأسعار المشار إليه في البند (1) أعلاه .
5- يقوم المشتري باستلام الشيك وتسليمه لصاحب المعرض أو الوكالة ومن ثم تنهى إجراءات تسجيل السيارة باسم المشتري واستلامها . انتهى.
الحمد لله.
هذه المعاملة حرام ولا تجوز ، وحقيقة هذه المعاملة أنها قرض بفائدة وهذا هو عين الربا ، إذ إن البنك قد أعطى المشتري شيكاً بـ ( مئة ألف ) وأخذه منها على أقساط مضافاً عليه الفائدة وما يسمونه مصاريف العقد .
وتسمية هذا بيعاً لا يبيحه لأن حقيقة المعاملة أنها قرض ربوي وليست بيعاً ، لأن البنك لم يشتر السيارة من المعرض ، ولا باعها على المشتري وإنما أعطاه شيكاً بالمبلغ .
وشراء السلع ( سيارات أو غيرها ) عن طريق البنوك لا يجوز إلا عند توفر شرطين :
الأول : أن يمتلك البنك هذه السلعة قبل أن يبيعها فيشتري البنك السيارة مثلاً من المعرض لنفسه .
الثاني : أن يقبض السيارة بنقلها من المعرض قبل بيعها على العميل.
وإذا خلت المعاملة من هذين الشرطين أو أحدهما كانت معاملة محرمة ، وبيان ذلك :
أن البنك إذا لم يشتر السيارة لنفسه شراء حقيقيا ، وإنما اكتفى بدفع شيك بالمبلغ عن العميل ، كان هذا قرضا ربويا ؛ إذ حقيقته أن البنك أقرض العميل ثمن السيارة (مائة ألف مثلا) على أن يسترد قرضه مائة وسبعة آلاف .
وإذا اشترى البنك السيارة ثم باعها قبل أن يقبضها ، كان ذلك مخالفا لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام " إذا اشتريت مبيعا فلا تبعه حتى تقبضه " رواه أحمد(15399) والنسائي ( 4613) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم : 342
وأخرج الدارقطني وأبو داود (3499) عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم " والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه " [البخاري 2132 ، ومسلم 1525 ، وزاد : قال ابن عباس : وأحسب كل شيء مثله ] أي لا فرق بين الطعام وغيره في ذلك ، وعليه فليس للبنك أن يبيع السيارة حتى يقبضها . وقبض كل شيء بحسبه ، فقبض السيارة : أن تنقل من محلها ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( وما ينقل : مثل الثياب والحيوان والسيارات وما أشبه ذلك يحصل قبضها بنقلها ؛ لأن هذا هو العرف ) انتهى من الشرح الممتع 8/381
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (13/153) : ( إذا طلب إنسان من آخر أن يشتري سيارة معينة أو موصوفة بوصف يضبطها، ووعده أن يشتريها منه ، فاشتراها مَن طلبت منه ، وقبضها ، جاز لمن طلبها أن يشتريها منه بعد ذلك نقدا أو أقساطا مؤجلة بربح معلوم ، وليس هذا من بيع الإنسان ما ليس عنده ؛ لأن من طُلبت منه السلعة إنما باعها على طالبها بعد أن اشتراها وقبضها ، وليس له أن يبيعها على صديقه مثلا قبل أن يشتريها أو بعد شرائه إياها وقبل قبضها ؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم) انتهى .
وأما حكم من تعامل بهذه المعاملة في الماضي ، فإن كان وقتها لا يعلم بتحريمها ، وأقدم عليها وهو يظن أنها حلال فلا شيء عليه ، لقول الله تعالى بعد ما ذكر تحريم الربا ( فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف ) البقرة / 275 ، راجع السؤال رقم ( 2492 ) .
وأما من أقدم عليها وهو يعلم أنها حرام ، فقد اجترأ على كبيرة الربا ، وعرّض نفسه لحرب من الله ورسوله ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ( ) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ ) البقرة ، فعليه التوبة من هذه المعصية الكبيرة ، والعزم على عدم فعلها مرة أخرى .
وأما انتفاعه بالسيارة التي اشتراها بهذه الطريقة فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى بعد التوبة والندم . راجع السؤال رقم ( 22905 )
والله أعلم .