الحمد لله.
الحشرات منها ما جاء الأمر بقتلها، كالعقرب. ويلحق به ما ثبت ضرره.
ومنها ما جاء النهي عن قتلها، كالنحل والنمل؛ إلا إن حصل منها أذى.
ومنها ما هو مسكوت عنه ، فلم يأمر الشرع بقتله، ولا نهى عن قتله، فالأصل أنها لا تُقتل إلا إذا حصل منها أذى، ولم تندفع إلا بالقتل.
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (17/ 281):
قتل الحشرات ليس مأمورا به مطلقا، ولا منهيا عنه مطلقا، فقد ندب الشارع إلى قتل بعض الحشرات، كما أنه نهى عن قتل بعضها أيضا انتهى.
قال القرطبي رحمه الله:
"فإن من آذاك -أي النمل-حل لك دفعه عن نفسك، ولا أحد من خلقه أعظم حرمة من المؤمن، وقد أبيح لك دفعه عنك بقتل وضرب على المقدار، فكيف بالهوام والدواب التي قد سخرت لك وسلطت عليها، فإذا آذاك، أبيح لك قتله" انتهى من "تفسير القرطبي" (13/ 173).
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
"الحيوانات لها حرمة، فلا يجوز الاعتداء عليها وقتلها إلا إذا كانت مؤذية، كالسباع والحيات والأشياء المؤذية، أما غير المؤذية فهذه لا يجوز قتلها...
وتأثم لو تعمدت قتلها دون مبرر" "فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (1/218).
وعلى ذلك؛ فالأصل أنّ الفراشات لا تقتل؛ لأنها ليست مما يؤذي، وخوف الإنسان منها لا يبرر قتلها، ويمكنه صرفها بوسيلة غير القتل. مثل: وضع بعض الروائح التي تنفرها، أو إيقاد البخور والدخان، فإن ذلك ينفرها.
قال ابن مفلح رحمه الله:
"وسئل أحمد فيما نقل المروزي يدخن الزنابير؟ قال إذا خشي أذاهم فلا بأس؛ هو أحب إليّ من تحريقه، والنمل إذا آذاه يقتله" انتهى من "الآداب الشرعية" (3/ 356).
وقال البهوتي رحمه الله:
"ويباح تدخين الزنابير، دفعًا لأذاها بالأسهل، فإن لم يندفع ضررُها إلا بإحراقها؛ جاز إحراقُها" انتهى من "كشاف القناع" (13/ 186).
وعليه: فإذا كنت تخاف من الفراش فاستخدم من الوسائل ما يدفعه ويصرفه عنك، ولا تقتلها ، ومجرد خوفك منها لا يبيح لك قتلها، لأنه خوف مبني على وهم، إلا إن حصل منها أذى أو إفساد للطعام ونحوه، ولم تندفع إلا بالقتل؛ جاز قتلها.
وينظر جواب السؤال (463446)، (105190)
والله أعلم.