انتشر في رمضان وخاصة في العشر الأواخر منه دعاء(اللهم بلغنا ليلة قدرك، وارزقنا فيها على قدر قدْرك)، فهل ألفاظ هذا الدعاء صحيحة؟ وهل يصح أن ننسب لله تعالى(ليلة قدرك)؟ وهل يصح أن نطلب على قدر الله تعالى، فهل يوجد شيء يوافق قدر الله سبحانه؟
الحمد لله.
لا يجوز الدعاء بما ذكرت؛ لاشتماله على منكر من القول وهو قولهم: " وارزقنا فيها على قدر قدْرك".
والله سبحانه ليس كمثله شيء، ومهما أعطى الله من النعم والعطايا، فهي عطايا مخلوقة، ولن تكون- قطعا- على قدْر قدْره وعظمته سبحانه.
فالفردوس الأعلى وهو أعلى الجنة، ليس على قدر الله سبحانه وتعالى وتقدس.
وإنما أوقعهم في ذلك السجع المتكلف.
وأما قولهم: "ليلة قدرك" فلها وجه، وذلك أن ليلة القدر سميت بذلك لوجوه، منها أن القدْر هو التقدير، فهي ليلة تقدر فيها الآجال والأرزاق، كما قال تعالى: حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ الدخان/1- 4.
قال مجاهد: في ليلة القدر: كل أمر يكون في السنة إلى السنة: الحياة والموت، يقدر فيها المعايش والمصائب كلها.
وقال قتادة: هي ليلة القدر فيها يُقضى ما يكون من السنة إلى السنة.
رواه الطبري عنهما في تفسيره (22/ 9).
فيكون معنى "ليلة قدرك" الليلة التي يأمر الله فيها ملائكته بتقدير ما يكون في السنة.
وفي الأدعية المأثورة من القرآن والسنة ما فيه غنية وكفاية وبعد عن المحذور والتكلّف.
والله أعلم.