الحمد لله.
أولا:
إذا أبرأت والدتك والدك من الدين، في حياته أو بعد وفاته، فإنه لا يبقى في ذمته شيء، ولا تملك الرجوع في إبرائها.
وفي "الموسوعة الفقهية" (1/168): "ذهب الحنفية والحنابلة - وهو قول للشافعية - إلى أنه لا يستفيد من رجوعه شيئا؛ لأن ما كان له: سقط بالإبراء، والساقط لا يعود، ولا بقاء للدين بعده، فأشبه ما لو وهبه شيئا فتلف" انتهى.
وليس لك أن تسدد الدين من التركة إلا بموافقة جميع الورثة إذا كانوا بالغين راشدين، فيكون هذا منهم هبة وإحسانا.
ثانيا:
مؤخر الصداق دين على الزوج، يُستحق بالطلاق أو الموت.
قال ابن القيم رحمه الله :" فصل: تأجيل جزء من المهر وحكم المؤجل... الذي اتفق الزوجان على تأخير المطالبة به، وان لم يسميا أجلا، بل قال الزوج مائة مقدمة ومائة مؤخرة؛ فإن المؤخر لا يستحق المطالبة به إلا بموت أو فرقة.
هذا هو الصحيح، وهو منصوص أحمد فإنه قال في رواية جماعة من أصحابه: إذا تزوجها على العاجل والآجل، لا يحل الآجل إلا بموت أو فرقة. واختاره قدماء شيوخ المذهب والقاضي أبو يعلى، وهو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية، وهو قول النخعي والشعبي والليث بن سعد .. " انتهى من "إعلام الموقعين"(3/81) .
وينظر: جواب السؤال رقم:(145955).
ثالثا:
لا يجوز سداد دين الميت من الزكاة، في قول جمهور الفقهاء.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/281) :
" قَالَ الإمام أَحْمَدَ لا يُكَفَّنُ الْمَيِّتُ مِنْ الزَّكَاةِ، وَلَا يُقْضَى مِنْ الزَّكَاةِ دَيْنُ الْمَيِّتِ.
وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا فِي قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْغَارِمَ هُوَ الْمَيِّتُ وَلَا يُمْكِنُ الدَّفْعُ إلَيْهِ، وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى غَرِيمِهِ صَارَ الدَّفْعُ إلَى الْغَرِيمِ لَا إلَى الْغَارِمِ" انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/236) : " لا يقضى دين الميت من الزكاة لأمور ثلاثة:
أولاً : أن الظاهر من إعطاء الغارم أن يزال عنه ذل الدين.
ثانياً : أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان لا يقضي ديون الأموات من الزكاة، فكان يؤتى بالميت وعليه دين، فيسأل صلّى الله عليه وسلّم هل ترك وفاء؟ فإن لم يترك لم يصل عليه. وإن قالوا : له وفاء ، صلى عليه ، فلما فتح الله عليه وكثر عنده المال، صار يقضي الدين بما فتح الله عليه عن الأموات، ولو كان قضاء الدين عن الميت من الزكاة جائزاً ، لفعله صلّى الله عليه وسلّم .
ثالثاً : أنه لو فتح هذا الباب لعطل قضاء ديون كثير من الأحياء؛ لأن العادة أن الناس يعطفون على الميت أكثر مما يعطفون على الحي، والأحياء أحق بالوفاء من الأموات" انتهى بتصرف.
والله أعلم.