أريد توضيح السؤال الذي يحمل رقم:(379924)، سؤالي مع التفصيل هو: أني اشتريت السنة الماضية بطاقة غسيل سيارات بثمن أقل مما هو مخزن بها، مثال اشتريت البطاقة ب ٣٥ دينارا، وفيها ٤٥ دينارا، وأذهب كل مرة إلى المحطة ويتم خصم قيمة الغسيل، تبين لي أن شرائي لتلك البطاقة محرم من خلال قراءتي عدة فتاوى. سؤالي : قد اشتريت البطاقة وتم الأمر، فهل يجوز لي استعمال الرصيد الكامل بها؟ أم علي أن أستعمل القيمة التي اشتريت بها البطاقة، في المثال المبين أعلاه علي أن أستعمل ٣٥ دينارا فقط؟ علما إني لا أذكر كم اشتريتها وكم صرفت منها؛ بسبب طول فترة عدم استخدامي لها.
الحمد لله.
هذه البطاقات نوعان:
1-بطاقة تمثل نقودا، تستعمل في الشراء والاستئجار وغيره، وهذه لها حكم ما تمثله، أي حكم النقود، فإن بيعت بنفس العملة، لزم التماثل والتقابض، وإن بيعت بعملة مغايرة لزم التقابض فحسب.
والأصل في ذلك حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ رواه مسلم (1587).
والعملات النقدية الموجودة اليوم لها ما للذهب والفضة من الأحكام .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : ما الحكم الشرعي في تبادل العملات (في السوق السوداء) مثلا 3000 دج بـ 3000 فرنك فرنسي، مع العلم أن التبادل عن الطريق الشرعي هو مثلا 300 دج بـ 340 فرنك فرنسي .
فأجابوا : "إذا كان التبادل بين عملتين من جنس واحد، وجب التساوي بينهما، والتقابض بالمجلس، وحرم التفاضل بينهما، وحرم تأخير القبض فيهما، أو في إحداهما شرعا، وإذا كانتا من جنسين جاز التفاضل بينهما شرعا، سواء كان ذلك في السوق السوداء أم في غيرها، وحرم تأخير بعضهما أو إحداهما" انتهى.
وينظر: سؤال رقم:(224551).
2 – النوع الثاني : بطاقة تمثل منفعة أو خدمة، كبطاقة الاتصال ودخول الإنترنت، وتكييفها الفقهي الظاهر: أنها أجرة مدفوعة مقدما، مقابل استعمال الإنترنت أو الهاتف، وهذه لا حرج في بيعها بأزيد أو أنقص من الرصيد الموجود فيها؛ لأنه من باب بيع المنفعة وليس من باب بيع النقود، فهو بيع دقائق اتصال مثلا.
وينظر: جواب السؤال رقم:(111995)، ورقم:(172631).
وبناء على ذلك فإن بطاقة غسيل السيارات، فيها تفصيل:
1-فإن كانت تمثل عددا معينا من الغسلات، فلا حرج في شرائها بأكثر مما فيها، لأنه شراء للمنفعة وهو العدد المعين من الغسل.
2-وإن كانت تمثل نقودا، وبهذا النقود تدفع ثمن كل غسلة، فهذه البطاقة لا يجوز أن تشترى بأكثر أو أقل من النقود التي فيها.
فإن حصل ذلك، فالفضل ربا، والأصل أن يفسخ العقد فترد البطاقة، وتأخذ نقودك؛ لما روى أبو داود (3351) عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ بِقِلَادَةٍ فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ مَنِيعٍ فِيهَا خَرَزٌ مُعَلَّقَةٌ بِذَهَبٍ، ابْتَاعَهَا رَجُلٌ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ أَوْ بِسَبْعَةِ دَنَانِيرَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ الْحِجَارَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا، قَالَ: فَرَدَّهُ حَتَّى مُيِّزَ بَيْنَهُمَا. وقَالَ ابْنُ عِيسَى: أَرَدْتُ التِّجَارَةَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " وَكَانَ فِي كِتَابِهِ الْحِجَارَةُ فَغَيَّرَهُ، فَقَالَ: التِّجَارَةُ " والحديث صححه الألباني.
ورواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (6099) وفيه: " فَرَدَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ".
قال ابن المنذر: " وقد أجمع عوام علماء الأمصار منهم مالك بن أنس ومن تبعه من أهل المدينة، وسفيان الثوري ومن وافقه من أهل العراق، والأوزاعي ومن قال بقوله من أهل الشام، والليث بن سعد، ومن وافقه من أهل العلم ، والشافعي وأصحابه ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور والنعمان، ويعقوب، ومحمد: على أنه لا يجوز بيع ذهب بذهب ولا فضة بفضة، ولا بر ببر، ولا شعير بشعير، ولا تمر بتمر، ولا ملح بملح متفاضلاً يداً بيد، ولا نسيئة، وأن من فعل ذلك فقد أربى، والبيع مفسوخ " انتهى من "الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر" (6/56).
فإن تعذر فسخ المعاملة، فإنك تدفع الفرق لمن باعك البطاقة.
والله أعلم.