لدي محل خضار فهل اقوم بإخراج الزكاه عروض تجاره ام تكون الزكاه في دخل المحل اذا حال عليه الحول
الحمد لله.
أولا:
الزكاة المتعلقة بأنواع من الزروع هي خاصة بزارعيها، وأما محل الخضار - الذي يشتري صاحبه الخضار من الفلاحين ثم يتاجر بها - فهو كسائر المحلات التجارية، فما فيه من بضاعة هي عروض تجارة، والزكاة واجبة فيها إذا بلغت قيمتها النصاب.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" العروض: جمعُ عَرَضٍ أو عَرْض بإسكان الراء، وهو المال المعد للتجارة. وسمي بذلك لأنه لا يستقر، يُعرض، ثم يزول، فإن المتَّجِرَ لا يريد هذه السلعة بعينها، وإنما يريد ربحها؛ لهذا أوجبنا زكاتها في قيمتها لا في عينها.
فالعروض إذاً: كُل ما أُعد للتجارة من أي نوع، ومن أي صِنْفٍ كان.
وهو أعم أموال الزكاة وأشملها؛ إذ إنه يدخل في العقارات، وفي الأقمشة، وفي الأواني، وفي الحيوان، وفي كل شيء.
والزكاة واجبة في عروض التجارة عند أكثر أهل العلم، وهو القول الصحيح المتعين " انتهى. "الشرح الممتع على زاد المستقنع" (6 / 138).
قال ابن المنذر رحمه الله تعالى:
" أجمع عامة أهل العلم على أن في العروض التي مُلكت للتجارة الزكاة إذا حال عليها الحول.
وممن روينا هذا القول عنه عمر بن الخطاب، وابن عمر، وعائشة، وابن عباس، والفقهاء السبعة...
وقال بجملة هذا القول ، مالك بن أنس، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، والنعمان، وأصحابه " انتهى. "الإشراف" (3 / 81 – 82).
فإذا مر العام : قوّم التاجر ما عنده من عروض ، وزكَّى قيمتها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" فيقومها صاحبها إن كان ذا خبرة بالأثمان، فإن لم يكن ذا خبرة فإنه يطلب من يعرف القيمة من ذوي الخبرة ليقومها...
عند تمام الحول؛ لأنه الوقت الذي تجب فيه الزكاة، فلا يقدم قبله، ولا يؤخر بعده بزمن يتغير فيه السعر؛ لأن في ذلك هضماً للحق إن نزل السعر، أو زيادة عليه إن زاد السعر.
ثم التقويم هل يكون باعتبار الجملة أو باعتبار التفريق؛ لأن الثمن يختلف باعتبار الجملة عن التفريق؟
الجواب: إن كان ممن يبيع بالجملة فباعتبار الجملة، وإن كان يبيع بالتفريق فباعتبار التفريق، وإن كان يبيع بهما فيعتبر الأكثر بيعاً " انتهى. "الشرح الممتع على زاد المستقنع" (6/ 144).
وتزكَّى العروضُ مع أرباحها، لأن الأرباح تبع لرأس المال الذي اشتريت به العروض.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء":
" تجب الزكاة في المال المذكور المعد للتجارة إذا حال عليه الحول. ويزكى رأس المال مع الربح عند تمام الحول، وإن كان المال اشتري به عروضا للتجارة فيقدر ثمنها عند تمام الحول بما تساوي حينئذ، وتخرج الزكاة بواقع اثنين ونصف في المائة 2.5 % من مجموع المال مع الأرباح.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى. "فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى" (9 / 356).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" فإن قال قائل: ربحها هذا لم يتم عليه الحول؛ لأنها لم ترتفع قيمتها إلا في آخر شهر من السنة؟
فالجواب: قلنا: إن هذا تابع لأصله كنِتَاجِ السائمة، فكما أن نتاج السائمة لا يشترط له تمام الحول، بل يتبع أصله، كذلك أيضاً ربح التجارة يتبع أصله، ولا يشترط له تمام الحول " انتهى. "الشرح الممتع" (6 / 146).
وعلى هذا ؛ فإذا انتهى الحول قوَّمتَ البضاعة التي عندك ، وتضيف إليها النقود التي معك ، والديون التي لك عند الناس المرجوة التحصيل ، وتخرج زكاة جميع ذلك ربع العشر ، أي 2.5%.
ثانيا:
زكاة عروض التجارة هي زكاة لقيمتها المالية، وليس لذات البضاعة، فالأصل أن تخرج زكاتها نقدا، وهذا الذي ذهب إليه كثير من أهل العلم.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:
" ويخرج الزكاة من قيمة العروض دون عينها. وهذا أحد قولي الشافعي.
وقال في الآخر: هو مخير بين الإخراج من قيمتها، وبين الإخراج من عينها. وهذا قول أبى حنيفة. لأنها مال تجب فيه الزكاة، فجاز إخراجها من عينه، كسائر الأموال.
ولنا: أن النصاب معتبر بالقيمة؛ فكانت الزكاة منها، كالعين في سائر الأموال، ولا نسلم أن الزكاة تجب في المال، وإنما وجبت في قيمته " انتهى. "المغني" (4 / 250).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" قوله: ( زكى قيمتَها ) أي: لا عينها، فلا يجوز إخراج الزكاة من عين ما أُعِدّ للتجارة؛ لأن العين في عروض التجارة غير ثابتة، فالمعتبر المخرج منه وهو القيمة؛ ولأن القيمة أحب لأهل الزكاة غالبا " انتهى. "الشرح الممتع " (6 / 141).
وجاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (23 / 277):
" وإن أخرج عروضا عن العروض فقد اختلف الفقهاء في جواز ذلك.
فقال الحنابلة، وهو ظاهر كلام المالكية، وقول الشافعي في الجديد وعليه الفتوى: لا يجزئه ذلك، واستدلوا بأن النصاب معتبر بالقيمة، فكانت الزكاة من القيمة، كما أن البقر لما كان نصابها معتبرا بأعيانها، وجبت الزكاة من أعيانها، وكذا سائر الأموال غير التجارة.
وأما عند الحنفية وهو قول ثان للشافعية قديم: يتخير المالك بين الإخراج من العرض أو من القيمة فيجزئ إخراج عرض بقيمة ما وجب عليه من زكاة العروض…" انتهى.
ولا شك أن إخراجها نقدا هو الأحوط، فمن أخرج زكاة تجارته نقدا فقد أدى ما عليه بالاتفاق.
سُئِل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" عن تاجر هل يجوز أن يخرج من زكاته الواجبة عليه صنفا يحتاج إليه؟
فأجاب:
، إذا أعطاه دراهم أجزأ بلا ريب " انتهى. "مجموع الفتاوى" (25 / 79).
وجاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (23 / 276):
" الأصل في زكاة التجارة أن يخرجها نقدا بنسبة ربع العشر من قيمتها...
فإن أخرج زكاة القيمة من أحد النقدين: أجزأ اتفاقا " انتهى.
وأجاز بعض أهل العلم إخراجها من جنس البضاعة عند الحاجة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" والأصناف التي يتَّجِر فيها: يجوز أن يخرج عنها جميعا دراهم بالقيمة.
فإن لم يكن عنده دراهم، فأعطى ثمنها بالقيمة [ في مختصر الفتاوى المصرية: فأعطى مقدارها من جنس ما يتجر فيه]: فالأظهر أنه يجوز؛ لأنه واسى الفقراء فأعطاهم من جنس ماله " انتهى. "مجموع الفتاوى" (25 / 80).
وتاجر الخضار في هذا العصر إذا أخرج زكاته من جنس بضاعته، فلن تكون في ذلك مصلحة معتبرة للفقير؛ لأن حال الحياة في هذا العصر جعل الفقراء في حاجة للنقد أكثر من حاجتهم لغيره، خاصة وأن الخضار يسرع إليها الفساد، فيكون الفقير مضطرا إلى الاجتهاد في بيعها أو التصدق بها.
فالأرجح والأحوط أن تخرج زكاة تجارتك نقدا.
والله أعلم.