والدي يمتلك منزلاً في المملكة المتحدة، كلنا نعيش فيه، أنا، أبي، زوجته، أختي، وأخي، ولديه رهن عقاري بفائدة على ثلث المنزل، يريد والدي نقل نصف المنزل إلى اسم أختي باتفاقنا جميعا، إذا تمكنا من القيام بذلك، بحيث يمكننا تجنّب دفع ضريبة الميراث تمامًا إذا توفّي والدي، نرغب أنا وأختي في الحصول على رهن عقاري سكنيّ قائم على الفائدة، سعر فائدة شهري محدّد المدة؛ حتى تتمكن أختي من شراء نصف المنزل، وتضع نصفه باسمها، وسيكون الرهن باسمها أيضًا، ستدفع لوالدي، ثم يستخدم والدي هذه الأموال لسداد الرهن العقاري بالكامل، سنستخدم بعد ذلك مدخراتنا المتبقية لسداد الرهن العقاري الخاص بي وبأختي، بعد ذلك، سيظلّ لدينا رصيد مستحق نأمل في سداده خلال عام واحد، لا نريد أن نفعل ذلك، لكن ليس لدينا خيار، فهل هذا جائز؟ إذا باع والدي منزله، فلن نتمكن من شراء منزل كبير بما يكفي لنعيش جميعًا في لندن، ولا يمكننا تحمّل تكلفة استئجار مكان كبير بما يكفي لنا.
الحمد لله.
يحرم الاقتراض بالربا لشراء منزل أو غيره، ولا يباح الربا إلا للضرورة، والسكن حاجة تندفع بالاستئجار، فلا يجوز الوقوع في الربا لأجله.
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (3/241): " وأجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا، ولو كان قبضةً من علف - كما قال ابن مسعود - أو حبة واحدة" انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/436): " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك؛ أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.
وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: 50 (1/6) بشأن التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها:
"إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17- 23 شعبان 1410 هـ الموافق 14 - 20 آذار (مارس) 1990م،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها ، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله ، قرر ما يلي :
أولاً : إن المسكن من الحاجات الأساسية للإنسان ، وينبغي أن يوفَّر بالطرق المشروعة، بمال حلال ، وإن الطريقة التي تسلكها البنوك العقارية والإسكانية ونحوها ، من الإقراض بفائدة، قلت أو كثرت: هي طريقةٌ محرمة شرعاً، لما فيها من التعامل بالربا " انتهى من مجلة المجمع (ع 5ج4ص2773)، (ع6ج1ص81 ).
وجاء في قرار المجمع رقم: 23 (11/3) بشأن استفسارات المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن:
" السؤال الثامن والعشرون :
ما حكم شراء منزل السكنى وسيارة الاستعمال الشخصي وأثاث المنزل بواسطة قروض من البنوك والمؤسسات التي تفرض ربحاً محدداً على تلك القروض، لقاء رهن الأصول، علماً بأنَّه في حالة البيوت والسيارات والأثاث عموماً، يعتبر البديل عن البيع هو الإيجار بقسط شهري يزيد في الغالب عن قسط الشراء الذي تستوفيه البنوك؟
الجواب :
"لا يجوز شرعاً " انتهى من "مجلة المجمع" (ع 3، ج 3/ص 1087)، والعدد الثاني (ج 1 ص 199).
فغلاء الاستئجار ليس عذرا، ولا الرغبة في الحصول على منزل كبير يجمعكم، ولا التخلص من ضريبة الإرث.
فاتقوا الله تعالى، واحذروا عقابه ؛ فإن الربا توعد الله أهله بالحرب فقال: فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ البقرة/278 - 279.
وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ".
وعلى والدك أن يتوب إلى الله تعالى مما اقترف.
والله أعلم.