ما حكم من يتخلس النظر إلى بيوتنا وعلى محارمنا، ويترصد، ونحن لا نعلم به، فهل علينا إثم لو خرجت نساؤنا إلى حوش البيت وفي وسط البيت وهن كاشفات، ومن يختلس النظر يراهم من فوق البيت، ويتعنى؟
الحمد لله.
لا يجوز للرجل أن يتعمد النظر إلى المرأة الأجنبية عنه بلا حاجة، أما الجريمة القبيحة الواردة في السؤال، فقد جمعت عددا من المحرمات:
منها : أنه أذية ظاهرة للجار، وانتهاك لحرمته، وأذية الجار من كبائر الذنوب، روي مسلم (46) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ ، بَوَائِقَهُ أَيْ دَوَاهِيَهُ، وَالْمُرَادُ الشُّرُورُ كَالظُّلْمِ وَالْغِشِّ وَالْإِيذَاءِ.
ومنها: أنه مخالف لأمر الله تعالى بغض البصر، قال الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ النور/30.
وقد كان العرب في جاهليتهم قبل الإسلام يعرفون حق الجار ويحفظون حرمات النساء ويتمدحون بذلك ، حتى قال قائلهم (عنترة بن شداد):
وأَغضُّ طَرفي إن بَدَت لي جارتي ... حتى يُواري جارتي مأواها.
وهل جعل الاستئذان عند دخول البيوت، إلا خوفا من اطلاع على عورة فيها، أو انتهاك حرمة أصحابها؟!
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ جُحْرٍ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ، لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ البَصَرِ رواه البخاري (6241)، ومسلم (2156).
وعن أبي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: مَنْ اطَّلَعَ فِي دَارِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، فَفَقَئُوا عَيْنَهُ، فَقَدْ هَدَرَتْ عَيْنُهُ رواه أبو داود (5172)، وصححه الألباني.
والذي ينبغي فعله نصح هذا الشخص، والشكوى إلى أهله ليمنعوه من هذا الفعل المشين.
وإذا علمت المرأة أن هناك من يتقصد النظر لها، والتعرض لها، ولم يكن جدار البيت حائلا دون اطلاعه ونظره؛ فلا يجوز لها أن تخرج إلا متحجبة حجابا كاملا ، ومهما أمكنها ترك الخروج، والتعرض لنظر هذا الجار المؤذي، وتلصصه، فهو الأولى، والأسلم، حتى ينقطع طمعه، وييأس من النظر بلا فائدة، ويدفع الله شره عن أصحاب البيت.
والله أعلم .