أنا أعمل بشركة تقوم بعمل إشهار لمنتجات أو خدمات أو مواقع عبر البريد الإلكتروني؛ أي ترسل صورة للمنتج مع بعض المعلومات للبريد الشخصي للناس، فإن اشترى الناس ذاك المنتج فلها نسبة من الربح، وما يقوم العاملون بإرسال إشهارات له من اختيارهم الشخصي، فالشركة لا تفرض على العاملين إرسال منتج محدد، كل ما يهمها أن يصل الشخص إلى الربح المطلوب، ومن بين الإشهارات التي يرسلها البعض القمار، ومواقع التعارف بين الجنسين، إضافة إلى منتجات تجملية وأدوية، المهم أن ما يرسله العاملون مختلط بين الحلال والحرام، أنا أعمل بفريق ل IT، أي الفريق المسؤول عن تجهيز السيرفرات التي يستعملونها للإرسال، والذي يحل أي عطب تقني، وكل ما يحتاجونه للقيام بعملهم، فهل أعتبر آثمة بفعل ذلك؟ وما حكم عملي بهذه الشركة؟ وماذا أفعل بالمال الذي جنيته إن كان حراما؟
الحمد لله.
أولا :
من كان يعمل في شركة جزء من نشاطها حلال، والجزء الآخر حرام، فإن كان عمله لا علاقة له بالحرام، ولا يعين عليه بوجه ما، ولا يقره، فعمله جائز، والراتب الذي يتقاضاه حلال.
وينظر جواب السؤال رقم: (98062)، ورقم (160202).
ثانيا :
عملك الذي تقومين به مختلف عن الحالة السابقة، إذ فيه إعانة مباشرة لمن يسوق منتجات محرمة، لأن السيرافرات يستعملها كل من يسوق للشركة، المسوقون للحلال، والمسوقون للحرام معا.
فيكون عملك محرما، لقول الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ المائدة/2.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : مَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا رواه مسلم في صحيحه (2674).
فالله تعالى حرم علينا أن نعصيه، وحرم علينا أن نعين العاصي.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: "لا يجوز لمسلم أن يكون عونا لأحد على ما فيه إثم ومعصية وانتهاك لحرمات الله.
...
الشيخ بكر أبو زيد ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
وسئلوا عن حكم العمل في صيانة أجهوة التبريد التي توجد بالمحلات التي تبيع المواد الغذائية ، حيث يوجد بالغرفة المراد تبريدها لحوم حلال وأخرى حرام كالخنزير ، كما يوجد بها جانب للخمر.
فأجابوا:
"إذا كان الواقع هو ما ذكرته في السؤال؛ فليس لك أن تستمر في العمل المذكور؛ لقول الله عز وجل: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) يسر الله أمرك وعوضك خيرا من ذلك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ بكر أبو زيد ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/422) .
ثالثا :
أما المال الذي أخذته من قبل، فإن كان قبل علمك بالتحريم، فلا حرج عليك من الانتفاع به، لأن الله تعالى يقول في الربا الذي هو من أعظم المحرمات: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ البقرة/275.
قال السعدي رحمه الله في "تفسيره" (ص 959) :
"فكل من تاب من الربا، فإن كانت معاملات سالفة، فله ما سلف، وأمره منظور فيه [أي في المستقبل هل سيترك الربا أو يعود إليه؟] ، وإن كانت معاملات موجودة، وجب عليه أن يقتصر على رأس ماله، فإن أخذ زيادة، فقد تجرأ على الربا" انتهى.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله : " إذا كان لا يعلم أن هذا حرام، فله كل ما أخذ وليس عليه شيء، أو أنه اغتر بفتوى عالم أنه ليس بحرام، فلا يخرج شيئاً، وقد قال الله تعالى: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ)" انتهى من"اللقاء الشهري" (67/19، بترقيم الشاملة آليا).
وما أخذته بعد علمك بالتحريم وكان لا يزال معك، لم تنفقيه، يلزمك التخلص منه، بالصدقة في أعمال البر، كالفقراء والمساكين، أو المصالح العامة، كالمساهمة في إنشاء مستشفى أو مدرسة إسلامية ونحو ذلك.
إلا إذا كنت في حاجة إليه، فتأخذين منه بمقدار حاجتك وتتصدقين بالباقي.
وينظر السؤال رقم:(81915).
والله أعلم.