الحمد لله.
يلزم المرأة أن تحد على زوجها إذا مات أربعة أشهر وعشرا؛ لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) البقرة/234.
وروى البخاري (1280)، ومسلم (1486) عن أم حبيبة رضي الله عنه أنها سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لاَ يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا).
والإحداد: ترك الزينة والطيب، وألا تخرج من بيتها نهارا إلا حاجة، ولا ليلا إلا لضرورة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/130): " وللمعتدة الخروج في حوائجها نهارا، سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها. لما روى جابر قال: طُلقت خالتي ثلاثا، فخرجت تجذّ نخلها، فلقيها رجل، فنهاها، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (اخرجي، فجذي نخلك، لعلك أن تصدّقي منه، أو تفعلي خيرا). رواه النسائي، وأبو داود.
وروى مجاهد، قال: {استشهد رجال يوم أحد فجاءت نساؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلن، يا رسول الله صلى الله عليه وسلم نستوحش بالليل، أفنبيت عند إحدانا، فإذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحدثن عند إحداكن، حتى إذا أردتن النوم، فلتؤب كل واحدة إلى بيتها}.
وليس لها المبيت في غير بيتها، ولا الخروج ليلا، إلا لضرورة ; لأن الليل مظنة الفساد، بخلاف النهار، فإنه مظنة قضاء الحوائج والمعاش، وشراء ما يحتاج إليه " انتهى.
فإن كانت والدتك تعي أمر الإحداد، ويغلب على الظن أنها لا تتضرر بمعرفة خبر وفاة الوالد رحمه الله، فإنها تُخْبَر بذلك، وتُنَبَّه على أحكام الإحداد.
وإن كانت لا تعي أمر الإحداد، أو يخشى عليها من معرفة الخبر، فإنها لا تخبر، وتجتهدون في منعها مما تمنع منه المعتدة، كالبيات خارج المنزل، والخروج ليلا لغير ضرورة، ولبس الحلي وثياب الزينة والتطيب؛ فإن غير المكلفة يُلزمها وليها بأحكام الإحداد .
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (5/502):
"والمسلمة والذمية والمكلفة وغيرها في الإحداد سواء، لعموم الأدلة، وغير المكلفة يجنبها وليها ما يجب على المكلفة تجنبه" انتهى .
ونسأل الله أن يشفيها ويعافيها وأن يرحم الوالد ويرفع درجته في عليين.
والله أعلم.