ما حكم تغيير نسبة الربح المتفق عليها في عقد المضاربة والتي هي (50% من الأرباح)؛ بسبب تغير رأس المال عند الشركة العاملة في المضاربة؟ بصيغة أخرى: دفعت مالاً لشخص للعمل في مجال الحوالات برأس مال قيمته 10000 دولار، وعنده طبعاً أشخاص آخرين أصحاب رؤوس أموال متغايرة القيمة، فعند الجرد يقوم بحساب الأرباح على أساس ما يسميه هو (نسبة وتناسب)، على أن تكون حصة أصحاب رؤوس الأموال من الأرباح أكثر من حصته دائماً، ولكن مقدار كل مساهم من ال50% من الأرباح (والتي هي النسبة المتفق عليها لأصحاب المال) متفاوتة، لأنه ربما أثناء الشهر مثلاً أو الشهرين يقوم أحدهم بالانسحاب أو بإنقاص رأس ماله أو بالزيادة عليه، وبالتالي تختلف مقادير ما يستحقون من ال50% من الأرباح في كل شهر، فما الحكم في مثل ذلك؟ مع العلم طبعاً أن نسبته هو كعامل والتي هي ال50% من الأرباح الأخرى، وكيف نكتب توزيع الأرباح بيني وبينه في عقد المضاربة؟ لأنه كما وضحت لكم نسبة ال50% من الأرباح التي هي لي إنما أنا شريك فيها مع أصحاب رؤوس الأموال الآخرين، أم أن كتابتها بهذا الشكل جائزة شرعاً؟ وطبعاً أنا أحصل على أسهم من هذه ال50% بسبب وجود غيري من رؤوس الأموال فسؤالي عن حكم تغيير العامل مقدار الأسهم بسبب تغير رؤوس الأموال لديه بشكل مستمر؟ فكيف نكتبها في العقد إن كان مثل ذلك جائزاً؟ ساعدونا في حل هذه المشكلة، والتي أخاف أن أكون أطعم نفسي وأهلي حراماً من العائدات علي من مثل هذه المضاربة.
الحمد لله.
أولا:
عقد المضاربة من العقود الجائزة بإجماع العلماء، ويشترط لجواز المضاربة ثلاثة شروط:
الأول: أن يكون مجال العمل مباحا، فتحرم المضاربة مع من يعمل في صناعة الخمور أو غير ذلك من المحرمات.
والمجال الذي ذكرته (التحويلات): هو من المجالات المباحة، ولا حرج في أخذ أجرة على تحويل الأموال من بلد لآخر. وينظر جواب السؤال رقم: (101747).
الشرط الثاني: ألا يضمن العامل رأس المال، لأنه إن ضمنه صارت المعاملة دائرة بين أحد أمرين –وكلاهما محرم-: إما مضاربة فاسدة ، وإما ربا، لأنه بضمان رأس المال تكون المعاملة قرضا، وتكون الأرباح التي يأخذها صاحب رأس المال هي في مقابلة القرض، فتكون ربا.
الشرط الثالث: أن يكون الربح معلوما ومتفقا عليه بين الطرفين، والواجب أن يكون معلوما بالنسبة، كالربع أو النصف ونحو ذلك.
ينظر جواب السؤال: (114537).
فإذا توفرت هذه الشروط الثلاثة كانت المضاربة جائزة.
ثانيا:
ينبغي التفريق بين اختلاف قدر الربح، وبين اختلاف نسبة الربح.
فالواجب تحديد نسبة الربح وعدم جهالتها، بأن يقال –مثلا- : لرأس المال النصف، والباقي للعامل. ثم يقسم نصيب رأس المال من الأرباح على المساهمين، كلٌّ حسب نسبة ما ساهم به إلى رأس المال كله. وحساب ذلك ميسور، ينبغي ألا يخفى على من يضارب بأموال الناس، لا سيما إذا كان يعمل في سوق المال؛ فلا يعقل أن يجهل الفرق بين "نسبة الربح" و"قدر الربح"، ولا أن يخفى عليه كيف يوزع الأرباح على رؤوس الأموال.
والحاصل:
أنه لا مانع من اختلاف قدر الربح على حسب اختلاف رأس المال، ولكن تكون نسبة الربح معلومة كما سبق.
وينظر جواب السؤال رقم: (201084).
وعلى ذلك؛ فإذا سحب بعض المشاركين ماله، أو بعضا منه؛ فإنما يحسب له ربح المدة التي ضارب فيها بماله فعلا، متى كان هناك ربح. وإذا سحب بعض ماله، وأبقى بعضا، فما أبقاه يكون هو كغيره من الشركاء، وما سحبه، يحسب له ربح المدة التي شارك به فيها، من يوم وضع ماله في المضاربة، إلى أن سحبه؛ فيقدر المضارب ما ربحت مضاربته في هذه المدة، ويوزعها على رؤوس الأموال، ويكون لصاحب المال نصيبه بحسب رأس ماله.
ثالثا :
أما كتابة العقد ، فيكتب فيه نسبة الربح الذي يستحقها رأس المال كله ، وأن هذه النسبة سوف تقسم على المساهمين على حسب ما ساهم به كل شريك منهم . ثم يكتب فيه قدر المال الذي شارك به في المضاربة. وإذا تغير رأس المال، يكتب ما زاد أو نقص منه، دون تغيير لأصل النسبة التي يتم توزيع الأرباح على أساسها.
وهذا بحسب ما فهمنا صيغة سؤالك؛ وإلا، فلا ندري كيف تكون نسبة العامل أقل من رأس المال، والنسبة المذكورة 50%، فهما متساويتان. فإن كانت حقيقة المعاملة مختلفة عما بنينا عليه الجواب، فيرجى بيان حقيقة الحال بصورة أوضح.
والله أعلم.