أرادت زوجتي أن تعطيني بعض المال لشراء منزل لأنني فقير، بينما هي تعمل براتب جيد، لكن والدتي طلبت مني عدم قبول المال؛ لأنّه من زوجتي، فماذا ينبغي أن أفعل؟ هل أطيع والدتي، أم أعصيها، وأحصل على المال بغير علمها؟
الحمد لله.
يلزم الابن طاعة والديه فيما فيه مصلحة لهما ولا مضرة عليه منه، ولا يلزمه الطاعة في كل شيء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ [أي على الابن] " انتهى من "الفتاوى الكبرى"(5/381).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ضابط العقوق: " والمراد به صدور ما يتأذى به الوالد من ولده، من قول أو فعل؛ إلا في شرك أو معصية ما لم يتعنت الوالد" انتهى من "فتح الباري" (10/406).
ولا مصلحة للأم فيما ذكرت، فلا يلزمك طاعتها، ولك أن تحصل على المال دون علمها.
وغنى المرأة ويسارها من المقاصد المعروفة لنكاحها، فكم من النساء ينكحن لأجل المال، والشرع لم يمنع ذلك، ولم يحرمه؛ بل قد أباح الله للزوج أن يأخذ من مال زوجته ما طابت نفسها به، فقال: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا النساء/4.
قال القرطبي في تفسيره (5/ 24): " قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) مُخَاطَبَةٌ لِلْأَزْوَاجِ، وَيَدُلُّ بِعُمُومِهِ عَلَى أَنَّ هِبَةَ الْمَرْأَةِ صَدَاقَهَا لِزَوْجِهَا، بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا: جَائِزَةً، وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ" انتهى.
وهذا في هبة الصداق، ومثله كل هبة جائزة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7662).
لكن إن كان قد وقع منك مسألة لزوجتك، أو تعريض بذلك، أو خشيت المنة، أو استحيت هي منك؛ فالأحسن أن تجعل البيت باسمها، وتحفظ لها مالها فيه، والبيت تسكنانه معا. ولعل هذا أن يكون أخف على أمك، إن علمت أنك لم تأخذ المال ملكا.
والله أعلم.