عندما كنت أصلي وأصل إلى الركعة الأخيرة كنت عند الجلوس للتشهد أقرأ الصلاة الإبراهيمية دون أن اقرأ معها التشهد يعني ما كنت أبدأ من عند التحيات، فكنت أول ما أقرأ أقول اللهم صلِ ..... الخ، هل صلاتي صحيحة؟
الحمد لله.
أولا :
التشهد ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا به.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (3/443):
"إذا بلغ آخر صلاته جلس للتشهد، وتشهد.
وهذا الجلوس، والتشهد فيه: فرضان عندنا، لا تصح الصلاة إلا بهما، وبه قال الحسن البصري وأحمد واسحاق وداود، وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالي عنه ونافع مولي ابن عمر وغيرهما...
واحتج أصحابنا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه: (كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد ...) وهو صحيح بهذا اللفظ، رواه الدارقطني والبيهقي وقالا: إسناده صحيح. فقوله : (قبل أن يفرض التشهد) دل على أنه فرض" انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله:
"وَهَذَا التَّشَهُّدُ، وَالْجُلُوسُ لَهُ: مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ" انتهى من "المغني"(2/226).
ثانيا:
من جهل الواجبَ في العبادة وكان يفعلها على هيئة غير صحيحة، فإنه معفو عنه، ولا يلزمه إعادة ما فعله من عبادات على وجه غير صحيح، وإنما عليه أن يصحح عبادته في المستقبل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"وَعَلَى هَذَا: لَوْ تَرَكَ الطِّهَارَةَ الْوَاجِبَةَ لِعَدَمِ بُلُوغِ النَّصِّ. مِثْلَ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ الْإِبِلِ وَلَا يَتَوَضَّأَ، ثُمَّ يَبْلُغُهُ النَّصُّ وَيَتَبَيَّنُ لَهُ وُجُوبُ الْوُضُوءِ، أَوْ يُصَلِّي فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ ثُمَّ يَبْلُغُهُ وَيَتَبَيَّنُ لَهُ النَّصُّ؛ فَهَلْ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا مَضَى؟
فِيهِ قَوْلَانِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد.
وَنَظِيرُهُ أَنْ يَمَسَّ ذَكَرَهُ وَيُصَلِّي، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ وُجُوبُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ.
وَالصَّحِيحُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ: عَدَمُ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ، وَلِأَنَّهُ قَالَ: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا؛ فَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ أَمْرُ الرَّسُولِ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ ، وَلِهَذَا لَمْ يَأْمُرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ وَعَمَّارًا لَمَّا أَجْنَبَا فَلَمْ يُصَلِّ عُمَرُ وَصَلَّى عَمَّارٌ بِالتَّمَرُّغِ، أَنْ يُعِيدَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَأْمُرْ أَبَا ذَرٍّ بِالْإِعَادَةِ لَمَّا كَانَ يُجْنِبُ وَيَمْكُثُ أَيَّامًا لَا يُصَلِّي ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَأْمُرْ مَنْ أَكَلَ مِنْ الصَّحَابَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَبْلُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْحَبْلِ الْأَسْوَدِ بِالْقَضَاءِ، كَمَا لَمْ يَأْمُرْ مَنْ صَلَّى إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ بُلُوغِ النَّسْخِ لَهُمْ بِالْقَضَاءِ.
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ: " الْمُسْتَحَاضَةُ " إذَا مَكَثَتْ مُدَّةً لَا تُصَلِّي لِاعْتِقَادِهَا عَدَمَ وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا ، فَفِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا لَا إعَادَةَ عَلَيْهَا. كَمَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ: لِأَنَّ {الْمُسْتَحَاضَةِ الَّتِي قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنِّي حِضْت حَيْضَةً شَدِيدَةً كَبِيرَةً مُنْكَرَةً، مَنَعَتْنِي الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ؛ أَمَرَهَا بِمَا يَجِبُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِقَضَاءِ صَلَاةِ الْمَاضِي" انتهى من "مجموع الفتاوى" (22/101).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
"وأما كونها تقضي ما مضى من صلاتها فهذا من باب أنها أخلت بالشرط، فإذا كانت صلت صلوات ليست ساترة لقدميها فيها، فإن الواجب قضاؤها.
لكن إذا كانت جاهلة بالحكم الشرعي، فلعل الله جل وعلا يعفو عنها فيما مضى ولا يكون عليها قضاء، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه لما رأى رجلًا يصلي وينقر صلاته، دعاه فقال له- بل جاءه وسلم عليه- فقال له: (ارجع فصل؛ فإنك لم تصل)، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي عليه الصلاة والسلام فرد عليه السلام ثم قال له: (ارجع فصل؛ فإنك لم تصل)، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء في الثالثة فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه النبي السلام ثم قال له: (ارجع فصل؛ فإنك لم تصل)، فعلها ثلاثًا، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق نبيًا لا أحسن غير هذا فعلمني، فقال له عليه الصلاة والسلام: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) متفق على صحته.
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد هذه الصلاة الحاضرة، ولم يأمره أن يعيد الصلوات الماضية لجهله، فإن ظاهر حاله أنه يصلي هذه الصلاة فيما مضى، ولكن لما كان جاهلًا عذره صلى الله عليه وسلم في الأوقات الماضية وأمره أن يعيد الحاضرة، فدل ذلك على أن من جهل شيئًا من فرائض الصلاة ثم نبه في الوقت الحاضر فإنه يعيد الحاضرة، أما التي مضت فتجزئه من أجل الجهل، هذا هو مقتضى هذا الحديث؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر هذا المسيء في صلاته أن يعيد صلواته الماضية بسبب جهله وما في ذلك من المشقة" انتهى، من موقع الشيخ ابن باز
ثالثا:
الواجب على المسلم أن يتعلم أحكام العبادات الواجبة عليه كالطهارة والصلاة والصوم ... إلخ ، فهذا من العلم الذي هو فرض على كل مسلم ومسلمة.
لذا، ننصحك بتعلم صفة الصلاة، ومن أفضل الكتب التي ألفت في هذا: كتاب الشيخ الألباني رحمه الله "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم".
والله أعلم.