الحمد لله.
من بنى مسجدا وفتحه للناس، أو بنى بناء وقال : إنه مسجد، فإنه يصير وقفا، ويخرج بذلك من ملك الواقف، فلا يملك بيعه، كما لا يملك غلقه.
قال في "الروض المربع" ص453: "(ويصح) الوقف (بالقول وبالفعل الدال عليه) عرفاً؛ (كمن جعل أرضه مسجدا، وأذن للناس في الصلاة فيه)، أو أذَّن فيه وأقام" انتهى.
وقال في ص459: "(والوقف عقد لازم) بمجرد القول، وإن لم يحكم به حاكم، كالعتق؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لا يباع أصلها، ولا يوهب ولا يورث. قال الترمذي: العمل على هذا الحديث عند أهل العلم، فـ (لا يجوز فسخه) بإقالة ولا غيرها؛ لأنه مؤبد، (ولا يباع)، ولا يُنَاقَل به؛ (إلا أن تتعطل منافعه) بالكلية، كدار انهدمت، أو أرض خربت وعادت مواتا، ولم تمكن عمارتها، فيباع؛ لما روي أن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كتب إلى سعد - لما بلغه أن بيت المال الذي بالكوفة نُقب - : أنِ انقل المسجد الذي بالتمّارين، واجعل بيت المال في قبلة المسجد، فإنه لن يزال في المسجد مصلٍّ، وكان هذا بمشهد من الصحابة، ولم يظهر خلافه؛ فكان كالإجماع.
ولو شرط الواقف أن لا يباع إذن [يعني: إذا تعطلت منافعه]: ففاسد.
(ويصرف ثمنه في مثله)؛ لأنه أقرب إلى غرض الواقف. فإن تعذر مثله، ففي بعض مثله، ويصير وقفا بمجرد الشراء، وكذا فرس حبيس لا يصلح لغزو.
(ولو أنه) أي الوقف (مسجد)، ولم يُنتفع به في موضعه؛ فيباع إذا خربت محلته" انتهى.
وعليكم أن تنصحوا عمكم، وأن تبينوا له أن المسجد ليس ملكا لأحد؛ لأنه صار وقفا، وأن تحثوا الناس على صلاة الجماعة، وأن تقدموا للإمامة الأقرأ الأفقه.
والله أعلم.