الحمد لله.
أولا:
غضب زوجك ودعواه الاتهام باغتصاب الأطفال لا مبرر له، ويُخشى أن يكون دالا على تهوره وعدم اتزانه.
ومن حق أم البنت أن تربيها وتؤدبها على اجتناب الرجال غير المحارم لها.
فليس من حق زوجك أن يعترض على هذا التأديب، وما قام به من شجار هو ظلم وبغي؛ لأنه اعتداء منه على حق الآخرين في تأديب أولادهم على الأدب الشرعي.
ثانيا:
اعتراض والدك على زوجك وغضبه عليه وطلب طلاقك منه: الظاهر أن الحامل عليه هو ما حصل من شجار، فلعله تأذى به، أو خشي أن يكون علامة على تهوره وأنه تؤمن بدراته، ولا يؤمن غضبه.
ولا يحل طلب الطلاق لغير عذر، ولا يلزم طاعة الأب في ذلك؛ لما روى أحمد (22440)، وأبو داود (2226)، والترمذي (1187)، وابن ماجه (2055)، عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة) والحديث صححه ابن خزيمة، وابن حبان، كما ذكر الحافظ في "الفتح" (9/ 403)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"، وشعيب الأرنؤوط في "تحقيق المسند".
والبأس: الشدة والمشقة، كسوء عشرة الزوج، كضربها أو إهانته لها.
فإن كان زوجك لم يؤذك أنت في نفسك، ولم يُهنك، ولم يعتد على والدك، فليس لك طلب الطلاق، ولعلك توسطين من يصلح بينهما، مع دعوة زوجك للاعتذار وشرح موقفه إن احتاج الأمر إلى ذلك.
وطاعة الأب لا تكون في المعصية؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ) رواه البخاري (7257)، ومسلم (1840)، ورواه الإمام أحمد في "المسند" (2/318) بلفظ: (لَا طَاعَةَ لِبَشَرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ).
ولا فيما فيه مضرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ) رواه أحمد، وابن ماجه (2341)، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".
قال ابن مفلح رحمه الله: " وقال الشيخ تقي الدين : ... فأما ما كان يضره طاعتهما فيه، لم تجب طاعتهما فيه، لكن إن شق عليه ولم يضره وجب" انتهى من "الآداب الشرعية" (1/464).
فاجتهدي في تطييب خاطر والدك، وبيني له أن الأصل تحريم طلب الطلاق، وأن الخطأ وارد من كل أحد، واطلبي من زوجك الاعتذار والتلطف مع والدك.
والله أعلم.