أود أن أسأل هل يجوز للرجل أن يرسم على وجهه باستخدام الألوان المخصصة للرسم على الوجه، وهي ألوان تخص جميع الفئات، فهل يجوز أن يضع منها الرجل لصنع أشكال على وجهه، وليس للتجميل؟ وهل يجوز ارتداء القرون من دون نية التشبه بشيء، ولا بنية الظهور كهيأة شيطان؟
الحمد لله.
أولا:
ينبغي للمؤمن أن يحفظ ماله ووقته فإنه مسؤول عن ذلك يوم القيامة، كما روى الترمذي (2417) عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ؟ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ؟ وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
كما ينبغي أن يحفظ مروءته، ولا يأتي بعمل يخل بها بين الناس، يجعله مثارا للسخرية أو إساءة الظن.
وهذه الرسومات مضيعة للمال والوقت، منافية لكمال المروءة، وفيها تشبه بالعابثين، فإن كانت رسوما لحيوانات، ففيها تشبه بالحيوانات، وذلك مذموم في الشريعة.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " المشابهة في الظاهر تورث مشابهة الأخلاق، وهذا ينبه على النهي عن التشبه بالبهائم مطلقا فيما هو من خصائصها وإن لم يكن مذموما بعينه؛ لأن ذلك يدعو إلى فعل ما هو مذموم بعينه" انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/ 256-260)..
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن العدسات اللاصقة: " إن كانت تحكي عيون الحيوان، كالتي تكون على شكل عيون القط أو الأرنب أو غيرهم من الحيوانات: فإن ذلك لا يجوز؛ لأن التشبه بالحيوان لم يأتِ في الكتاب والسنة إلا في مقام الذم، قال الله تبارك وتعالى : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ. وَلَوْ شئنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ ، وقال الله تبارك وتعالى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)، وقال (ليس لنا مثل السوء)، وقال صلى الله عليه وسلم: (الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفارا)" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (22/2).
ثانيا:
ارتداء القرون لا يخرج عما ذكرنا ففيه إضاعة للمال والوقت، وإخلال بالمروءة، وتشبه بالحيوانات والشياطين ولو لم يقصد التشبه.
فيقال لمن أراد شيئا من ذلك: أمسك عليك مالك، وانشغل بما ينفعك، وتشبه بالصالحين لعلك أن تكون منهم، ودع التافه من الأمور، والساقط من الأحوال، واحرص على الصحبة النافعة التي تدلك على الخير وتعينك عليه، واحذر رفقاء السوء الذين يزينون الباطل، ويزهدون في المعروف.
رزقنا الله وإياك البصيرة، والعمل الصالح.
والله أعلم.