الحمد لله.
تحريم الزواج بأكثر من أربع نساء في الدنيا: هو من جملة الابتلاءات التي يبتلي الله تعالى بها عباده ، وله في ذلك الحكمة البالغة .
وقد أباح الله الزواج بأكثر من أربع لبعض خواص عباده، كإباحته لنبينا صلى الله عليه وسلم، وقد اجتمع لنبي الله سليمان عليه السلام عدد كبير من النساء .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: ( قَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً، تَحْمِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ فَارِسًا يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ... ) رواه البخاري (3424)، ومسلم (1654) .
وقد ورد ما يدل على أن المرأة الصالحة في الجنة تكون لآخر أزواجها، كما في حديث أبي الدرداء مرفوعا: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ فَهِيَ لِآخِرِ أَزْوَاجِهَا) .
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (3 / 275)، وصححه الألباني بمجموع طرقه وشواهده في "السلسلة الصحيحة" (3/275).
وقد يتزوج الرجل بأكثر من أربع نسوة في الدنيا ، كما لو تزوج أربعا ، ثم ماتت إحداهن ، فتزوج خامسة ، فظاهر الحديث السابق يدل على أنهن يكُنَّ زوجاتِه في الجنة .
وقد نص بعض العلماء على أنه لا مانع في الجنة من زيادة عدد الزوجات على أربع .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"ولا يحرم في الآخرة ما يحرم في الدنيا، من التزوج بأكثر من أربع ، والجمع بين الأختين ، ولا يمنع أن يجمع بين المرأة وبنتها " انتهى من "الاختيارات" (ص 314) .
وهذا الكلام قد نقله العلماء وأقروه ، كابن مفلح في "الفروع" (8/258) ، والمرداوي في "الإنصاف" (20/288)، وابن قاسم في "حاشيته" (6/312)، وعلق عليه بقوله : "لأنها ليست دار تكليف، وقد نُزِع الغل من صدورهم" انتهى .
ولم يرد نص يدل على تحديد أقصى ما للرجل في الجنة من زوجات سواء من نساء الدنيا أو من الحور العين، كما سبق بسط هذا في جواب السؤال رقم: (257509).
والله أعلم.