الحمد لله.
وسائل العلم هي في ذاتها من أمور العادة وليست من أمور التعبد، فيجوز للمسلم أن يبتكر من وسائل العلم وطرقه ما يراه مفيدا إلا إذا ورد نهي عنه.
وكتابة العلم وطرقها من ضمن أمور العادة هذه التي أصلها الإباحة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم: فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع.
وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالى...
والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه، وإلا دخلنا في معنى قوله: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا) ولهذا ذم الله المشركين الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، وحرموا ما لم يحرمه ... وهذه قاعدة عظيمة نافعة" انتهى من "مجموع الفتاوى" (29 /16–18).
وعلى هذا مضى المسلمون، فمازال أهل الحديث يصنّفون فيه، كل بحسب طريقته التي يراها مفيدة وصالحة لنفع المسلمين، ومن ذلك اختصار المصنفات الحديثية، فقد قام جمع من أهل العلم باختصار مصنفات من سبقهم.
وهذا الاختصار ليس متعلقا بكلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو متعلق بكلام المصنف وطريقته.
فكتاب "معالم السنن" للشيخ صالح بن أحمد الشامي: قد سار على نفس المنوال؛ يختصر الكتب وليس الأحاديث نفسها، فيسقط الأسانيد وهي من كلام أصحاب المصنفات، ويزيل التكرار وهو أيضا من عمل أصحاب المصنفات، لكنه يراعي ألفاظ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فلا يختصرها.
والأعمال العادية إذا كانت تحقق مصلحة مشروعة ولا تحتوي على مفسدة، فهي أعمال يستحب فعلها ولا تنكر.
وهذه المختصرات الحديثية ليس فيها مفسدة، وفيها مصلحة تقريب سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلى عامة الناس، وتسهيل الحفظ لها لمن يريد حفظها.
فالحاصل؛ أن كتاب "معالم السنن" على الوصف المذكور هو عمل مشكور وممدوح غير مذموم، وفائدته جليلة، خاصة لغير المتخصصين في علم الحديث، فإنه إذا أدام النظر فيه، حصل له أنس بأصول أبواب السنة، واستظهار لطائفة كثيرة من مهمات الأبواب، وأصول السنة النبوية.
والله أعلم.