الحمد لله.
أولا:
من حق الزوجة على زوجها أن يسكنها في سكن منفرد عن أهله، ولا يلزمها السكن مع أحد منهم، ولا يلزمها خدمة أحد منه لا في حضور الزوج ولا في غيابه.
قال الكاساني رحمه الله :"وَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُسْكِنَهَا مع ضَرَّتِهَا، أو مع أَحْمَائِهَا كَأُمِّ الزَّوْجِ وَأُخْتِهِ وَبِنْتِهِ من غَيْرِهَا وَأَقَارِبِهِ، فَأَبَتْ ذلك: عليه أَنْ يُسْكِنَهَا في مَنْزِلٍ مُفْرَدٍ، لِأَنَّهُنَّ رُبَّمَا يُؤْذِينَهَا ويضررن بها في الْمُسَاكَنَةِ، وَإِبَاؤُهَا دَلِيلُ الْأَذَى وَالضَّرَرِ" انتهى من "بدائع الصنائع" (4/23).
وقال عليش ، المالكي ، رحمه الله :"ولها ، أي : الزوجة ، الامتناع من أن تسكن مع أقاربه ، أي : الزوج ؛ لتضررها باطلاعهم على أحوالها، وما تريد ستره عنهم ، وإن لم يثبت إضرارهم بها " انتهى من "منح الجليل شرح مختصر خليل" (4/395).
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (25/109):" الْجَمْعُ بَيْنَ الأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةِ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ: لاَ يَجُوزُ، وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِنَ الأَقَارِبِ؛ وَلِذَلِكَ يَكُونُ لِلزَّوْجَةِ الاِمْتِنَاعُ عَنِ السُّكْنَى مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لأِنَّ الاِنْفِرَادَ بِمَسْكَنٍ تَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا حَقُّهَا، وَلَيْسَ لأحَدٍ جَبْرُهَا عَلَى ذَلِكَ.
وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ" انتهى.
ولا فرق بين حال وجود الزوج أو سفره، ما لم يكن في انفرادها بالسكن حال سفره خوف عليها، فإنها تطلب من محارمها من يكون معها، أو يُسْكِنُها عند أهلها إن لم ترغب في السكن مع أهله.
ثانيا:
ينبغي أن يُعلم أن طاعة المرأة لزوجها مقدمة على طاعتها لأهلها عند التعارض.
قال في "الإنصاف" (8/362): " لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها , ولا زيارةٍ ونحوها. بل طاعة زوجها أحق" انتهى.
فإذا أمرها زوجها بالبقاء في سكنه المستقل، وأمرها أبواها بالسكنى معهم، لزمها طاعة زوجها.
والنصيحة هنا أن يتفهم الزوج أن من حق زوجته ألا تسكن مع والديه، وأن يرضى بسكنها في بيته المستقل، ويطلب من أهل الزوجة أن يكون أحدهم معها، أو أن يسمح لها بالسكن مع أهلها إلى عودته، وينبغي عليها حينئذ أن تتفقد والديه بالزيارة بين الحين والآخر.
وعدم سكن الزوجة مع أقارب زوجها هو الأصلح في أغلب الأحوال، لا سيما عند سفر الزوج.
ونسأل الله أن يصلح أحوال الجميع.
والله أعلم.