الحمد لله.
أولا:
لا حرج على من اشترى أرضا ولم يدفع ثمنها أو دفع جزءا فقط، أن يبيعها لغيره، إذا لم ينص العقد على حظر البيع إلى سداد الثمن.
ولا يضر كون الأرض لم تسجل باسم المشتري، فهذا التسجيل إنما يراد به التوثيق فقط.
وقد يتحاشاه المشتري تفاديا لدفع الرسوم.
وحظر البيع إلى سداد الثمن إجراء صحيح، ويسمى عند الفقهاء: رهن المبيع على ثمنه أو في مقابل ثمنه.
قال في "كشاف القناع" (3/ 189): " فيصح اشتراط رهن المبيع على ثمنه، فلو قال: بعتك هذا على أن ترهننيه على ثمنه، فقال: اشتريت ورهنتك صح الشراء والرهن " انتهى.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن البيع بالتقسيط: " لا حق للبائع في الاحتفاظ بملكية المبيع بعد البيع، ولكن يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة " انتهى من "مجلة المجمع" (ع 6 ج 1 ص 193).
ولا يحل للمشتري أن يبيع إذا نص العقد على حظر البيع؛ لأنه لا يصح بيع الرهن إلا بإذن المرتهن.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وإن تصرف الراهن بغير العتق , كالبيع , والإجارة , والهبة , والوقف , والرهن , وغيره , فتصرفه باطل ; لأنه تصرف يبطل حق المرتهن من الوثيقة , غير مبني على التغليب والسراية , فلم يصح بغير إذن المرتهن , كفسخ الرهن" انتهى من "المغني" (4/ 272).
وعليه: فالتاجر الذي باع لك الأرض إذا لم يكن قد حُظر عليه البيع، فبيعه لك صحيح، ولا يضر بقاء الثمن عليه، كما لا يضر عدم تسجيل الأرض باسمه.
وإذا كتب في العقد أن الأرض لا تسجل باسم المشتري إلا بعد سداد كامل الثمن: فهذا لا يعتبر حظرا للبيع.
وأما إذا كان قد حظر عليه البيع، فبيعه لك لا يصح، والواجب فسخه إلا أن يأذن له من باع له.
وإذا أبى البائع الفسخ ولم يأذن له من باعه، فالسبيل هو مقاضاته لتفسخ البيع وتسترد مالك.
ثانيا:
إذا كان بيع التاجر لك صحيحا، فلك أن تبيع الأرض- إذا لم يُحظر عليك البيع-، ولو لم تسدد جميع ثمنها.
ثالثا:
يلزم في البيع المؤجل تحديد الأجل، في قول جمهور الفقهاء.
قال النووي رحمه الله :"اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ " انتهى من "المجموع" (9/ 339).
وإذا تم العقد مع جهالة أجل الثمن أو جزء منه، فقد اختلف فيه الفقهاء:
1-فمنهم من حكم بفساده وهم الحنفية، فيمضي البيع إذا قبض المشتري السلعة، وتضمن السلعة بقيمتها لا بالمسمى.
2-ومنهم من حكم ببطلانه وهم المالكية والشافعية.
3-ومنهم من حكم بصحته وهم الحنابلة.
وينظر: "المعاملات المالية" للدبيان (5/ 267).
فإذا أمكنك تصحيح العقد بذكر وقت تحويل أو دفع الباقي فافعل، خروجا من الخلاف، أو بادر بسداد بقية المبلغ.
والله أعلم.