الحمد لله.
أولاً : الأصل أن إنكار المنكر فرض على الكفاية ، فإذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين .
قال النووي – رحمه الله – في شرح صحيح مسلم :
( ثم إن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض كفاية إذا قام به بعض الناس سقط الحرج عن الباقين وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف . ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أولا يتمكن من إزالته إلا هو ، وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف ) انتهى.
ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك مدعاة لترك المسلمين هذه الفريضة ، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بل على المسلمين القيام بذلك ، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) رواه مسلم (49)
ويتأكد ذلك كلما عَظُم المنكر وفحش ، ولا منكر أعظم من سبّ الله تعالى أو سب دينه الإسلام أو سبّ رسوله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فمن اطلع على شيء من هذه الإساءة ، في صحيفة أو مجلة أو قناة فضائية أو غيرها، فعليه إنكارها حسب استطاعته ، بيده أو بلسانه أو بقلبه ، كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم
ومن لم ير ذلك ولم يطلع عليه ، لكن أُخبر بوجوده ، فينبغي أن يبادر بالإنكار أيضا ، كأن يتصل على الصحيفة أو القناة ، وينكر عليهم ما نشر فيها ، أو يتصل على صاحب المقالة نفسها ، فإن الناس إذا رأوا كثرة المنكرين تهيبوا من إعادة الإساءة ، وربما أعلنوا اعتذارهم وتوبتهم .
كما أن اتفاق الجمع الكبير من الناس على إنكار المنكر يدل على قوة أهل الدين ، وغيرتهم ، ويقظتهم لما يذاع وينشر، وهذا مطلوب شرعا؛ وإلا لتجرأ في كل يوم متجرئ .
وأيضا : فهذا باب لتحصيل الأجر ، فإن الناهي عن المنكر مأجور مثاب .
نسأل الله تعالى أن يعزّ دينه ، وأن يذل أهل الزيغ والضلال .
والله تعالى أعلم .