الحمد لله.
" طاعة الوالدين تجب في كل ما فيه منفعة لهما ولا ضرر عليك به ، فأما إذا أمراك بترك النوافل نظرنا ؛ إذا كانا يحتاجان إلى عمل لا تقوم به إذا كنت منشغلاً بهذه النافلة فأطعهما ، مثل أن يقول لك أبوك : يا فلان ، انتظر الضيوف ، ولا تصل النافلة ، فهنا يجب عليك أن تطيعه لأن هذا لغرضٍ له ، وأما إذا قال : لا تصل الضحى ، لأنه يكره مثل هذه الأمور ، يكره النوافل لأنه ليس عنده إيمان قوي ، فلا تطعه ، ولكن دارِهِ ما استطعت ، بمعنى أن تخفي عنه ما تفعله من الخير .
فنقول للسائل : حج عنها ، وإذا قال لك أبوك : لا تحج . فقل : لا بأس ، وحج ، وليس في هذا كذب إذا كنت تستطيع التأويل ، والتأويل معناه : أن تقول له : لا أحج ، يعني العام القادم ، لأن هذا الأب يأمر بقطيعة الرحم ، أو هو جاهل ، فقل : نعم ، لا أحج عنها إرضاء لك ، وتنوي لا أحج عنها في العام القادم . لأنك سوف تحج هذا العام ، ومثل ذلك بعض الأمهات إذا رأت العلاقة بين ابنها وزوجته طيبة ، قالت : يا ولدي إما أنا وإما هي ، ليطلقها ، كذلك الأب ربما يكون معه سوء تفاهم من الزوجة يقول طلقها . فلا يطلقها . وسأل رجل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله فقال : إن أبي أمرني أن أطلق امرأتي وأنا أحبها . قال : لا تطلقها . فقال السائل : إن ابن عمر لما أمره أبوه عمر رضي الله عنه أن يطلق زوجته وسأل النبي صلى الله عليه وسلم قال : طلق زوجتك ، فأمر عبد الله بن عمر أن يطيع والده في تطليق زوجته ، فقال له الإمام أحمد قولاً سديداً : وهل أبوك عمر ؟! وهذه الكلمة لها معنى ، لأن عمر رضي الله عنه لم يأمر ابنه أن يطلق زوجته إلا أنه رأى سبباً شرعياً يقتضي ذلك ، لكن أباك لعله لحاجة شخصية بينه وبين المرأة " انتهى بتصرف يسير .