هل يعفي لحيته مع احتمال إصابته بالأذى ؟
سؤالي يتمثل في صراع داخلي ، فرغبتي في أن ألتزم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة اللحية والقميص ولكن الظروف التي نعيشها في بلدي تصعب هذا النوع من الالتزام فلو حدث أي عمل إرهابي في الحي الذي أسكن فيه سأكون أول المعتقلين ، أضف إلى هذا لو تنقلت إلى أي مدينة في الداخل وأنت باللحية والقميص ستكون أول من سيوقف ، وللأمانة هناك من هو في نفس حالتي وملتزم أعتقد أن قوة إيمانه سمحت له بذلك ، ولهذا أخشى على نفسي وديني فهل هذا عذر شرعي ؟
الجواب
الحمد لله.
يجب على الرجل إعفاء لحيته ويحرم عليه حلقها؛ للأحاديث الصريحة في الأمر بإعفائها،
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: ( أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى )
رواه البخاري (5554) ومسلم (259)
.
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( خالفوا المشركين ، وفروا اللحى ، وأحفوا الشوارب )
رواه البخاري (5553) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( جزوا الشوارب ، وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس )
رواه مسلم (260).
قال العلامة ابن مفلح رحمه الله : "وذكر ابن حزم الإجماع أن قص الشارب وإعفاء
اللحية فرض" انتهى من "الفروع" ( 1 / 130 )
.
ويحرم الإسبال في القميص وغيره ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما أسفل من
الكعبين من الإزار ففي النار ) رواه البخاري
(5450) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إزرة المسلم إلى نصف الساق ، ولا حرج أو لا جناح فيما
بينه وبين الكعبين ، ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار ، من جر إزاره بطرا لم
ينظر الله إليه ) رواه أحمد (11415) وأبو
داود (4093) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
والواجب على المؤمن أن يتقي الله تعالى ، بفعل الواجبات وترك المحرمات ، وأن يبذل
في ذلك وسعه واستطاعته .
وكلما قوي إيمان العبد أمكنه تحمل المشاق وعدم المبالاة بها في سبيل مرضاة ربه جل
وعلا .
والشيطان حريص على إخافة الإنسان ، وصرفه عن الاستقامة، كما قال الله سبحانه : (
إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ
وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) آل
عمران/175 فلا ينبغي الاستسلام
للهواجس والأوهام .
وإذا كانت هذه المخاوف التي ذكرتها حقيقة ، وليست مجرد أوهام فنرجو أن تكون عذراً
لترك بعض الواجبات ، دفعاً للضرر المتوقع ، وهو نوع من الإكراه ، وقد قال الله
تعالى : ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ
وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ)
النحل/106 .
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ
أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ)
رواه ابن ماجة (2045) وصححه الألباني في صحيح ابن
ماجة .
ولكن ليحذر المسلم أن يكون ذلك من تزيين الشيطان له وتخويفه من أوليائه ، وتكون هذه
بداية سلسلة من التنازلات والتقصير في الواجبات .
فلا بد من الصدق مع النفس : هل هناك ضرر حقيقي أم لا ؟
وفقك الله لكل خير ، وثبتك على الحق .
والله أعلم.