الحمد لله.
الجادة المسلوكة في اللغة العربية أن يقول الإنسان في هذا الدعاء: ( اللهم صلِّ ) بدون إضافة ( ياء ) ؛ لأنها فعل أمر - على سبيل الطلب - ، وهو مبني على حذف حرف العلة " الياء " ، فيكون ( صلِّ ).
ومن ذلك قوله تعالى: ( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) التوبة/103.
أما ( صَّلِّي ) بإثبات الياء ؛ فلها وجه في لغة العرب ؛ إلا أنه خلاف الأولى والأشهر ...
وقد قَرَأَ ابْن كثير ( إِنَّه من يتقي ويصبر ) بِإِثْبَات الْيَاء .
وحجته: أَن من الْعَرَب من يُجْرِي المعتل مجْرى الصَّحِيح ؛ فَيَقُول : " زيد لم يقْضِي " وَيقدر فِي الْيَاء الْحَرَكَة، فيحذفها مِنْهَا، فَتبقى الْيَاء سَاكِنة للجزم .
قَالَ الشَّاعِر : هزي إِلَيْكُم الْجذع يجنيك الجنى
وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُول : " يجنك الجنى " ؛ لِأَنَّهُ جَوَاب الْجَزَاء .
وَيُقَوِّي هَذَا قِرَاءَة حَمْزَة فِي قَوْله : " فَلَا تخف دركا وَلَا تخشى " وَلم يقل تخش . قَالَ الْفراء " تخشى " فِي مَوضِع جزم ؛ لِأَن من الْعَرَب من يفعل ذَلِك.
وينظر: "حجة القراءات" لعبد الرحمن بن زنجلة (ص: 364).
وذكر الخليل بن أحمد - رحمه الله- أن الواو والياء قد تُترك في موضع الجزم استخفافًا ، فقال :
" وَرُبمَا تركت هَذِه الْوَاو وَالْيَاء فِي مَوضِع الْجَزْم اسْتِخْفَافًا ، قَالَ الله عز وَجل : (وَأَن الْمَسَاجِد لله فَلَا تدعو مَعَ الله أحدا) أثبت الْوَاو هَهُنَا، وَمحله الْجَزْم لِأَنَّهُ مُخَاطبَة الْوَاحِد فِيمَا ذكر لي بعض أهل الْمعرفَة".
انتهى من "الجمل في النحو" (ص222).
وقد تثبت الياء هنا أيضا على جهة "الإشباع" لكسرة اللام في "صلِّ".
قال الشرواني في حاشيته على "تحفة المحتاج" للهيتمي (2/ 82) : " فَلَوْ أَتَى بِيَاءٍ فِي اللَّهُمَّ صَلِّ، بِسَبَبِ الْإِشْبَاعِ لِلْحَرَكَةِ: لَمْ يَحْرُمْ وَلَمْ يُبْطِلْ لِعَدَمِ تَغْيِيرِهِ الْمَعْنَى " انتهى.
ومثله قاله الشبراملسي في حاشيته على "نهاية المحتاج" للرملي (1/ 530).
وبكل حال؛ فلا تبطل صلاة من يثبت الياء في قوله ( اللهم صلِّ ) ، لأن له وجها، ومخرجا سائغا في لغة العرب كما ذكرنا، ولأنه لا يتغير به المعنى .
والله أعلم.