الحمد لله.
من جمع مالا لغرض معين، فالأصل أن لا يضع المال إلا في هذا الغرض.
سئل الشيخ ابن عثيمين: رجل أخذ مالاً من أهل الخير يستعين به على الزواج فزاد المال، هل يرجعه لمن أعطاه أم يتصرف به على ما يعينه على أمور دينه ودنياه؟
فأجاب رحمه الله: " يقول أهل العلم رحمهم الله: إن الصدقات تحل حتى للغني، فإذا كان الذين أعطوه من المال أعطوه على أنه صدقة، فهو له يتصرف فيه كما يشاء، وإن كان الذي أعطوه من المال من الزكاة لهذا الغرض نفسه - أي: غرض الزواج -، فإن ما زاد يجب عليه أن يرده لهم؛ لأنه غني عنه، فإن احتاجه لشيء آخر كتأثيث البيت مثلاً، فليستأذن من هؤلاء. يقول: المهر وما يتعلق بالزواج انتهى وبقي معي فلوس، ولكني محتاج إلى أشياء أخرى، فهل تسمحون أن أصرفها فيها؟ فإذا قالوا: نعم، فلا بأس، وإلا ردها عليهم.
والقاعدة عندنا في هذا: أن من أخذ من الناس أموالاً لشيء معين، فإنه لا يصرفها في غيره إلا بعد استئذانهم " انتهى من "اللقاء الشهري" (4/9).
وما دام أنكم اشتريتم بالمال أجهزة تحاليل كما ذكرتم للمتبرعين، فقد أديتم الواجب، وعليكم السعي في البحث عمن يعمل عليها، وكان ينبغي تدبير هذا قبل جمع المال، لأن في البيع والاستبدال خسارة لقدر من المال، ففيه إضرار بالوقف وقيمته.
فإن لم تجدوا من يعمل على هذه الأجهزة، وتعطلت منفعتها؛ فلا حرج في بيعها وشراء أجهزة أخرى يحتاجها الناس كحاجتهم إلى أجهزة التحاليل أو أكثر.
ولا يشترط الرجوع للمتبرعين حينئذ، لأن المراد استنقاذ هذه الأجهزة من التلف والتعطل، فيوضع المال فيما هو أقرب لمقصود المتبرعين.
وأجهزة الرمد إن كان الناس بحاجة إليها، جاز شراؤها، وإلا فيبحث عما تشتد حاجة الناس إليه.
لكن لو كنتم قد أدركتم قبل شراء هذه الأجهزة: أن منافعها ستتعطل، وأردتم شراء أجهزة أخرى، فكان الواجب في هذه الحال: استئذان المتبرعين في الغرض الجديد الذي توضع فيه تبرعاتهم.
والله أعلم.