ما حكم قول حوقلو معي بنية تسهيل الأمور، أو بنية النجاح، أو الشفاء، أو تفريج الكرب، أو تحقيق أمنياتي، وأمنياتكم، ... وهكذا، على المجموعات في مواقع التواصل الاجتماعي، مثلا: في مجموعات الفيسبوك؟ هل تعتبر بدعة ؟ وهل يجوز كتابة الحوقلة في التعليقات معهم؟
الحمد لله.
أولا:
جاء في فضل الذكر بـ "لا حول ولا قوة إلا بالله" : ما روى البخاري (6384)، ومسلم (2704) ، من حديث أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا.
ثُمَّ أَتَى عَلَيَّ، وَأَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، فَقَالَ:
يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، قُلْ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ.
أَوْ قَالَ: أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ هِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
وهذه الجملة العظيمة فيها التسليم لله تعالى، والاعتماد عليه، وأن (الحول) ؛ أي: الحركة، أو التحول من حال إلى حال، والقوة على الطاعة؛ لا تكون إلا بالله.
فلا تحول للعبد عن معصية الله إلاّ بعصمته، ولا قوة له على طاعته إلاّ بمعونته.
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (4/87): "قال الهروي: قال أبو الهيثم: الحول: الحركة؛ أي: لا حركة ولا استطاعة إلا بمشيئة الله. وكذا قال ثعلب وآخرون.
وقيل: لا حول في دفع شر، ولا قوة في تحصيل خير إلا بالله.
وقيل: لا حول عن معصية الله إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، وحكي هذا عن ابن مسعود رضي الله عنه" انتهى.
وقال رحمه الله أيضا: " قال أهل اللغة: الحول: الحركة، والحيلة؛ أي: لا حركة ولا استطاعة ولا حيلة إلا بمشيئة الله تعالى.
وقيل: معناه لا حول في دفع شر، ولا قوة في تحصيل خير: إلا بالله.
وقيل: لا حول عن معصية الله إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، وحكى هذا عن ابن مسعود رضي الله عنه، وكله متقارب" انتهى من شرح مسلم (17/ 26).
وهذا يتضمن الإعانة على قضاء الحاجات، وتفريج الكربات.
وقد روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" (29828) عَن مَكْحُولٍ رحمه الله قوله:
"من قال لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا منجا من الله إلا إليه: رفع الله عنه سبعين بابا من الضراء أدناه الفقر".
وجاء هذا في أحاديث مرفوعة لكنها لا تثبت، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم:(268984).
قال ابن القيم رحمه الله: " وهذه الكلمة لها تأثير عجيب في معالجة الأشغال الصعبة، وتحمل المشاق، والدخول على الملوك، ومن يخاف، وركوب الأهوال.
ولها أيضاً تأثير في دفع الفقر" انتهى من "الوابل الصيب" ص 77.
فمن قال هذا الذكر بنية تسهيل الأمور، أو تفريج الكروب: نفعه إن شاء الله.
ثانيا:
أما طلب الحوقلة من الغير لتسهيل أمر فلان أو تفريج كربه، فلا أصل له في الشرع، والدين قائم على الاتباع لا الاختراع، ولو كان في الحوقلة للغير نفع، لأرشد إليه النبي صلى الله علي وسلم، كما أرشد إلى الدعاء بقوله: مَنْ دَعَا لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلٍ رواه مسلم (2732).
وقال صلى الله عليه وسلم: دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ رواه مسلم (2733).
وقال: اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ رواه أبو داود (3221).
وروى مسلم (2542) عن عمر رضي الله عنه أن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ رَجُلًا يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، لَا يَدَعُ بِالْيَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ، قَدْ كَانَ بِهِ بَيَاضٌ، فَدَعَا اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ، إِلَّا مَوْضِعَ الدِّينَارِ أَوِ الدِّرْهَمِ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ.
فلا حاجة للاختراع، فاليوم يقولون: حوقلوا له، وغدا يقولون: سبحوا له، حمدلوا له!
فما أغنانا عن ذلك.
وإنما المشروع الدعاء للمسلم، أو طلب الدعاء له؛ كأن يقال: ادعوا لأخيكم، عند الحاجة إليه.
وعليه؛ فلا تشاركي في هذه الدعوات، ولا تكتبي الحوقلة إذا دعيتِ لمثل ذلك.
والله أعلم.