الحمد لله.
المقصود بالرقبة في هذه النصوص وغيرها: إعتاق العبد الرقيق، وليس ذبح ناقة أو بقرة.
وعتق الرقبة مشروع في كفارة القتل والظهار والأيمان، وجاء في فضل إعتاق الرقاب أحاديث، منها ما روى البخاري (6715)، ومسلم (1509) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً، أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّارِ، حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ).
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (10/151): " وفي هذا الحديث بيان فضل العتق، وأنه من أفضل الأعمال، ومما يحصل به العتق من النار ودخول الجنة.
وفيه استحباب عتق كامل الأعضاء، فلا يكون خصيا ولا فاقد غيره من الأعضاء، وفي الخصي وغيره أيضا الفضل العظيم لكن الكامل أولى. وأفضله أعلاه ثمنا وأنفسه، كما سبق بيانه في أول الكتاب، في كتاب الإيمان في حديث أي الرقاب أفضل، وقد روى أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن سالم بن أبي الجعد عن أبي أمامة وغيره من الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلما كان فكاكه من النار، يجزي كل عضو منها عضوا منه ، وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار، يجزى كل عضو منهما عضوا منه ، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار، يجزئ كل عضو منه عضوا منها). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح" انتهى.
ومن أعتق رقبة عن ميت وصله ثوابها، كما روى أبو داود (2883) عن عبد الله بن عمرو: " أَنَّ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ أَوْصَى أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ مِائَةُ رَقَبَةٍ، فَأَعْتَقَ ابْنُهُ هِشَامٌ خَمْسِينَ رَقَبَةً، فَأَرَادَ ابْنُهُ عَمْرٌو أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ، فَقَالَ: حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي أَوْصَى بِعَتْقِ مِائَةِ رَقَبَةٍ، وَإِنَّ هِشَامًا أَعْتَقَ عَنْهُ خَمْسِينَ، وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ خَمْسُونَ رَقَبَةً، أَفَأُعْتِقُ عَنْهُ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا، فَأَعْتَقْتُمْ عَنْهُ، أَوْ تَصَدَّقْتُمْ عَنْهُ، أَوْ حَجَجْتُمْ عَنْهُ؛ بَلَغَهُ ذَلِكَ) وحسنه الألباني.
ولا وجود للرقاب اليوم فيما نعلم، ولكن ينفع الميت الدعاء له، والصدقة والحج والاعتمار عنه، فتسأل الله أن يعتق رقبته من النار، وتتصدق عنه بذبيحة أو غيرها.
والله أعلم.