ما حكم الاستنابة في الحج أو العمرة ؟.
الحمد لله.
" توكيل الإنسان من يحج عنه لا يخلو من حالين :
الحال الأولى : أن يكون ذلك في فريضة .
والحال الثانية : أن يكون ذلك في نافلة ، فإن كان ذلك في فريضة فإنه لا يجوز أن يوكل غيره ليحج عنه ويعتمر ، إلا إذا كان في حال لا يتمكن بنفسه من الوصول إلى البيت لمرض مستمر لا يرجى زواله ، أو لكبر ونحو ذلك ، فإن كان يرجى زوال هذا المرض فإنه ينتظر حتى يعافيه الله ويؤدى الحج بنفسه ، وإن لم يكن لديه مانع من الحج بل كان قادراً على أن يحج بنفسه فإنه لا يحل له أن يوكل غيره في آداء النسك عنه ، لأنه هو المطالب به شخصياً . قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) آل عمران/97 . فالعبادات يقصد بها أن يقوم الإنسان بنفسه فيها ، ليتم له التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى ، ومن المعلوم أن من وكل غيره فإنه لا يحصل على هذا المعنى العظيم الذي من أجله شرعت العبادات .
وأما إذا كان الموكل قد أدى الفريضة وأراد أن يوكل عنه من يحج أو يعتمر فإن في ذلك خلافاً بين أهل العلم : فمنهم من أجازه ، ومنهم من منعه ، والأقرب عندي : المنع ، وأنه لا يجوز لأحد أن يوكل أحداً يحج عنه ، أو يعتمر إذا كان ذلك نافلة ، لأن الأصل في العبادات أن يقوم بها الإنسان بنفسه ، وكما أنه لا يوكل أحداً يصوم عنه ، مع أنه لو مات وعليه صيام فرض صام عن وليه ، فكذلك في الحج ، والحج عبادة يقوم فيها الإنسان ببدنه ، وليست عبادة مالية يقصد بها نفع الغير ، وإذا كان عبادة بدنية يقوم الإنسان فيها ببدنه فإنها لا تصح من غيره عنه ، إلا فيما وردت به السنة ، ولم ترد السنة في حج الإنسان عن غيره حج نفل ، وهذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله - أعني أن الإنسان لا يصح أن يوكل غيره في نفل حج أو عمرة سواءً كان قادراً أو غير قادر .
ونحن إذا قلنا بهذا القول صار في ذلك حث للأغنياء القادرين على الحج بأنفسهم ، لأن بعض الناس تمضي عليه السنوات الكثيرة ما ذهب إلى مكة ، اعتماداً على أنه يوكل من يحج عنه كل عام ، فيفوته المعنى الذي من أجله شرع الحج ، بناء على أنه يوكل من يحج عنه " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/136) .
وقد اختار علماء اللجنة الدائمة جواز الاعتمار والحج عن الحي العاجز عن فعلهما ولو كان ذلك نافلة .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/81) :
إذا اعتمرت عن نفسك جاز لك أن تعتمر عن أمك وأبيك إذا كانا عاجزين ، لكبر أو مرض لا يرجى برؤه " انتهى .
وهو ما اختاره أيضاً الشيخ ابن باز رحمه الله ، فإنه سئل : أريد أن أحج عن والدتي ، فهل لا بد أن أستأذنها ، علماً بأنها سبق أن أدت حجة الفريضة ؟
فأجاب :
" إذا كانت والدتك عاجزة عن الحج لكبر سنها أو مرض لا يرجى برؤه فلا بأس أن تحج عنها ولو بغير إذنها ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استأذنه رجل قائلاً : يا رسول الله ، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حج عن أبيك واعتمر ) واستأذته امرأة قائلة : يا رسول الله إن أبي شيخ كبير ولا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : حجي عن أبيك . وهكذا الميت يحج عنه لأحاديث صحيحة وردت في ذلك ، ولهذين الحديثين " انتهى .
"فتاوى ابن باز" (16/414) .