الحمد لله.
هذا الحديث رواه البخاري (4474) عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى، قَالَ: " كُنْتُ أُصَلِّي فِي المَسْجِدِ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، فَقَالَ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ)، ثُمَّ قَالَ لِي: لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي القُرْآنِ، قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ. ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، قُلْتُ لَهُ: أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ، قَالَ: (الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ)، هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ).
وسياق الحديث يبيّن أن المقصود بالتعليم، هو الإخبار عن عِظَم قدر هذه السورة ، ومكانها في القرآن، وليس المقصود تعليم حروف السورة وكلماتها، كالذي يعلمها أول مرة.
ويدل لهذا المعنى ما ورد في قصة أبي بن كعب وهي شبيهة بقصة أبي سعيد بن المعلى، وفيها أن أبي بن كعب كان يحفظ السورة ويقرأ بها في الصلاة.
كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا أُبَيُّ!) وَهُوَ يُصَلِّي، فَالتَفَتَ أُبَيٌّ وَلَمْ يُجِبْهُ، وَصَلَّى أُبَيٌّ فَخَفَّفَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، مَا مَنَعَكَ يَا أُبَيُّ أَنْ تُجِيبَنِي إِذْ دَعَوْتُكَ)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: أَفَلَمْ تَجِدْ فِيمَا أُوحِي إِلَيَّ أَنْ: (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ )؟
قَالَ: بَلَى وَلَا أَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
قَالَ: (تُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الفُرْقَانِ مِثْلُهَا؟)
قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَيْفَ تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ؟)
قَالَ: فَقَرَأَ أُمَّ القُرْآنِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الفُرْقَانِ مِثْلُهَا، وَإِنَّهَا سَبْعٌ مِنَ المَثَانِي وَالقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُهُ) رواه الترمذي (2875)، وقال: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ".
ورواه عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائد "المسند" (35 / 20 – 21)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، بنحو هذا وفيه: " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، السُّورَةَ الَّتِي قُلْتَ لِي؟ قَالَ: (فَكَيْفَ تَقْرَأُ إِذَا قُمْتَ تُصَلِّي؟) فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، قَالَ: (هِيَ، هِيَ، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُ بَعْدُ).
وقال محققو المسند: "إسناده صحيح على شرط مسلم " انتهى.
والله أعلم.