الحمد لله.
أولا:
لا حرج في تخصيصك بقطعة أرض من دون إخوتك، إذا كان ذلك برضى الإخوة جميعهم، ذكورهم وإناثهم، وكانوا بالغين راشدين، وتصبح الأرض ملكا لك، لا ينازعك فيها أحد.
ثانيا:
سماحك لوالدتك أن تبني فوق بنائك، لا حرج فيه، وهو هبة منك لا يحل لك الرجوع فيها؛ لما روى أبو داود (3539)، والترمذي (2132)، والنسائي (3690)، وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ، وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ) والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وتملك والدتك ما بنت، والأصل أنها تملكه دون حصة من الأرض، إلا إذا وهبتها ذلك.
ثالثا:
إذا تقرر أن الوالدة تملك شقتها، فإنه ليس لها أن تهبها لبناتها إلا بموافقة جميع الورثة؛ لأن الأم مأمورة بالعدل في الهبة كالأب، وينظر: جواب السؤال رقم: (67652).
فلك الحق أن تعترض على هبة والدتك الشقة للبنات، وأن تطالب بالعدل.
لكن لو أن والدتك أصرت على ذلك؛ فإنك لا تملك منعها، وهي تتصرف في شقتها التي تملكها، وغاية الأمر أنك تنصحها بالعدل في الهبة.
وإذا لم يكن الأمر هبة للبنات، وكان للبنات شقة أخرى، سيبعنها لتسدد الوالدة لأخيك ما أخذت منه، في مقابل أن يأخذن شقة والدتهن، فهذا يعتبر بيعا من والدتك لهن، وليس هبة، لكن لك أن تطالب بحق الشفعة، فتمنع البيع، وتشتري أنت الشقة.
والجار له حق الشفعة عند بعض أهل العلم، كما هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وهو رواية عن أحمد- اختارها جماعة من العلماء- فيما إذا اشترك الجيران في حق مشترك، كمدخل العمارة وسلّمها.
ومستند الشفعة هنا: ما روى أحمد (14253)، وأبو داود (3518)، والترمذي (1369)، وابن ماجه (2494) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ؛ يُنْتَظَرُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا، إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا) .
والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
والحاصل:
أن لك الاعتراض على جعل هذه الشقة لأخواتك، من جهتين:
الأول: من جهة الهبة، لو كانت الوالدة ستعطيهم الشقة هبة.
الثاني: من جهة حقك في الشفعة إذا كانت الوالدة ستبيع لهن الشقة.
والنصحية للجميع أن يراعوا حق الوالدين والرحم.
ونسأل الله أن يؤلف بين قلوبكم وأن يقيكم نزغات الشيطان.
والله أعلم.