الحمد لله.
" هذا القول ليس بصحيح ، أعني القول بأن من حج فرضه ليترك المجال لغيره ، لأن النصوص دالة على فضيلة الحج ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ) .
والإنسان العاقل يمكن أن يذهب إلى الحج ولا يؤذي ولا يتأذى إذا كان يعامل الناس بالرفق ، فإذا وجد مجالاً فسيحاً فعل ما يقدر عليه من الطاعة ، وإذا كان المكان ضيقاً عامل نفسه وغيره بما يقتضيه هذا الضيق ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حين دفع من عرفة يأمر الناس بالسكينة ، وشنق لناقته الزمام يعنى جذبه حتى لا تسرع ، لكنه إذا وجد فجوة نَصَّ . قال العلماء : يعني إذا وجد متسعاً أسرع ، فدل هذا على أن الحاج ينبغي له أن يتعامل مع الحالة التي هو عليها ، فإذا وجد الضيق فليتأن في مشيه ، وليرفق بالناس ، وبهذا لا يتأذى ولا يؤذي ، فهذا الذي نراه في هذه المسألة ، يحج ويستعين الله تعالى على الحج ، ويقوم بما يلزمه من واجبات ، ويحرص على أن لا يؤذي أحداً ، ولا يتأذى بقدر المستطاع . ولو فرض أن هناك مصلحة أنفع من الحج مثل أن يكون بعض المسلمين محتاجاً إلى الدراهم للجهاد في سبيل الله ، فالجهاد في سبيل الله أفضل من الحج النافلة ، وحينئذ يصرف هذه الدراهم إلى المجاهدين ، أو كان هناك مسغبة يعني جوعاً شديداً على المسلمين ، فهنا صرف الدراهم في إزالة المسغبة أفضل من الحج بها " انتهى .