الحمد لله.
لا تشرع العقيقة عن الأب المتوفى؛ لأن من بلغ لا يُعق عنه، وله أن يعق عن نفسه عند بعض العلماء .
سئل الإمام أحمد رحمه الله: "عن الرجل يخبره والده أنه لم يعق عنه؛ هل يعق عن نفسه؟
قال: ذلك على الأب.
وقيل له: فيعق عنه كبيرا؟
قال: لم أسمع في الكبير شيئا.
قلت: أبوه كان معسرا، ثم أيسر، فأراد أن لا يدع ابنه حتى يعق عنه؟
قال: لا أدري، ولم أسمع في الكبير شيئا.
ثم قال: ومن فعله فحسن، ومن الناس من يوجبه". انتهى من "تحفة المودود بأحكام المولود"، لابن القيم، ص87
ونقل الحافظ ابن حجر عن الرافعي: "والاختيار أن لا تؤخر عن البلوغ، فإن أخرت عن البلوغ سقطت عمن كان يريد أن يعق عنه، لكن إن أراد أن يعق عن نفسه فعل".
قال: "وأخرج بن أبي شيبة عن محمد بن سيرين قال: لو أعلم أني لم يعق عني، لعققت عن نفسي. واختاره القفال.
ونقل عن نص الشافعي في البويطي: أنه لا يعق عن كبير.
وليس هذا نصا في منع أن يعق الشخص عن نفسه، بل يحتمل أن يريد أن لا يعق عن غيره إذا كبر" انتهى من "فتح الباري" (9/595).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "والدتي توفيت وأريد أن أعمل لها عقيقة، وعند الاستفسار من أحد الأئمة في أحد المساجد في بغداد قال: إن العقيقة تعمل للحي وليس للميت، ما حكم الشرع في نظركم في هذا ونرجو لهذا إفادة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: "العقيقة لا تشرع للميت، وإنما تشرع عند الولادة في اليوم السابع من ولادة الإنسان، يشرع لأبيه بتأكدٍ: أن يعق عن هذا الولد، سواء كان ذكراً أم أنثى، لكن الذكر له عقيقتان، والأنثى لها عقيقه واحدة، تذبح في اليوم السابع، ويؤكل منها ويتصدق ويهدى، ولا حرج على الإنسان إذا ذبحها في اليوم السابع أن يدعو إليها أقاربه وجيرانه، وأن يتصدق منها بشيء، فيجمع بين هذا وهذا.
وإذا كان الإنسان غير واسع ذات اليد، وعق عن الذكر بواحدة: أجزأه كذلك.
قال العلماء: وإذا لم يمكن في اليوم السابع ففي اليوم الرابع عشر، فإن لم يمكن ففي اليوم الحادي والعشرين، فإن لم يمكن ففي أي يوم شاء، هذه هي العقيقة.
وأما الميت: فإنه لا يعق عنه، ولكن يدعى له بالرحمة والمغفرة، والدعاء له خير من غيره، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو هريرة عنه: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له)، فقال عليه الصلاة والسلام : (أو ولد صالح يدعو له)؛ ولم يقل أو ولد صالح يصوم له أو يصلى له أو يتصدق عنه أو ما أشبه هذا، فدل هذا على أن الدعاء أفضل من العمل الذي يهدى إلى الميت، وإن أهدى الإنسان إلى الميت عملاً صالحاً، كأن يتصدق بشيء ينويه للميت، أو يصلى ركعتين ينويها للميت، أو يقرأ قرآن ينويه للميت، فلا حرج في ذلك، ولكن الدعاء أفضل من هذا كله؛ لأنه هو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (14/2).
ولكم الصدقة عنه بذبيحة أو غيرها، فإن الصدقة عن الميت يصله ثوابها إجماعا.
والله أعلم.