في أول العشرينات من عمري أذنبت كثيراً، وابتعدت عن رب العالمين للأسف، أسأل الله أن يعفو عني، وعملت الكثير من الذنوب، وكان من ضمنها أن سرقت أموالا من أبي، وفي بعض الأحيان أعطاني أموالا لأخرجها كصدقة، للأسف سرقتها، وتوفي أبي، وتأثرت كثيرا، وتبت إلى الله تعالى، وأنا نادمة أشد الندم، ولا أعلم ماذا يجب علي أن أفعل؟ للعلم أبي لم يقصر علي بالمصروف أبدا، رحمه الله تعالى، وجزاه الله تعالى كل خير، وقد نويت أن أردها له بدون معرفته، ولكنه توفى، ولا أستطيع أن أخبر أخوتي بالموضوع، فماذا أفعل؟
الحمد لله.
من أخذ أموالا من شخص ظلما؛ فالواجب عليه أن يعيدها إليه؛ وبهذا تتحقق التوبة من هذا الظلم.
قال النووي رحمه الله تعالى:
" قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب ، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط:
أحدها: أن يقلع عن المعصية.
والثاني: أن يندم على فعلها.
والثالث: أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا.
فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته.
وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه" انتهى من "رياض الصالحين" (ص 14).
فإن توفي المظلوم قبل ردها، سلّمها إلى ورثته، ولا يشترط علم الورثة عند الرّد، فلا يخبر الورثة بـأنه كان قد سرقها، بل عليه فقط أن يحتال بأي وجه مشروع لردّها.
سُئلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء":
" إذا سرق إنسان مالا، ثم أراد أن يتوب فأرجع المال إلى صاحبه بدون علم من صاحبه، فما حكم توبته؟
فأجابت: إذا كان الواقع كما ذكرت وكان صادقا في توبته وندم على ما حصل منه، وعزم على ألا يعود، فتوبته صحيحة، ولا يضره في توبته عدم علم المسروق منه بما رد إليه من ماله.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد الله بن قعود ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى من "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء" (24/355).
راجعي للأهمية جواب السؤال رقم: (220949).
والحاصل: أن بإمكانك أن تردي هذا الأموال إلى تركة الوالد، إن لم تكن قد قسمت على الورثة.
فإن كانت قد قسمت، فرديها على الورثة جميعا، كل بحسب نصيبها، ولا يشترط أن تعلميهم بذلك، بل تضعينها في أموالهم من غير أن يشعروا.
فإن لم يمكنك، فادفعي عنهم ديونا بقدرها، ولو فواتير مستحقة، أو نحو ذلك مما لا بد لهم منه؛ ونرجو أن يجزئك ذلك، إن شاء الله.
ومن الأموال التي يجب ردها إلى الورثة الأموال التي أمرك بالتصدق بها؛ لأن الصدقة لم تخرج من ملك الوالد؛ لأن يد الوكيل يد موكله؛ وهي بقيت في يدك ولم يقبضها الفقير، فينتقل ملكها إلى الورثة، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم: (219759).
وإن كان المال زكاة واجبة، أمرك بدفعها إلى الفقير؛ وجب عليك أن تخرجيها في مصرفها؛ لأن الحق ثبت في ذمته لأصحابه ؛ فإذا لم تدفع إلى مستحقها، كانت دينا عليه.
وينظر جواب السؤال رقم: (65780).
وإذا ردت إلى ماله، أو ورثته، وجب عليك البيان: أن هذا مال مستحق في تركة الوالد، يدفع لمستحقه.
لكن ذلك متعذر، ولا ضرورة إليه؛ ويكفيك أن تضعيها في مصرفها، كما قال الوالد، أو في مصرفها الشرعي المعروف لمال الزكاة.
وإذا تصدقت من مالك عن والدك فهو خير ، ويصله ثواب ذلك إن شاء الله.
والله أعلم.