عند تفكيري في قصة الإسراء والمعراج، طرح لدي تسأل لماذا عندما سأل النبي علية الصلاة والسلام عن المسجد الأقصى التبس عليه الوصف في البداية، ثم انطلق فيه بطلاقة. سؤالي: لماذا التبس عليه الوصف؟
الحمد لله.
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر قريشا بحادثة الإسراء، كذبته قريش، واتهمته، ولذلك سألته عن صفات للمسجد الأقصى، لمعرفتهم به، لأن منهم من كان يسافر إلى الشام للتجارة ويمر على بيت المقدس.
روى البخاري (3886)، ومسلم (170) عَنِ جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ، قُمْتُ فِي الحِجْرِ، فَجَلى اللَّهُ لِي بَيْتَ المَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ.
روى الإمام مسلم (172) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحِجْرِ، وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ، فَسَأَلَتْنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْهَا، فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، قَالَ: فَرَفَعَهُ اللهُ لِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ.. .
فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توقف عن الجواب عن بعض ما سألوه، كان بسبب عدم تثبته من بعض أوصاف بيت المقدس؛ لأنه لم يذهب إليه سياحة أو للفرجة، بل لأمر أهم من ذلك، فلم يعتن بالتمعن في أوصاف البيت.
قال الملا علي القاري رحمه الله تعالى:
" (فسألتني) أي: قريش (عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها)، من الإثبات؛ أي لم أحفظها، ولم أضبطها، لاشتغالي بأمور أهم منها" انتهى من "المرقاة" (10/179).
ويحتمل أيضا أنه لم يثبت هذه الصفات لأن الإسراء كان ليلا ، كما قال الله تعالى:
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الإسراء/1.
والظلام مظنة عدم وضوح أوصاف الأشياء.
والله أعلم.