قرأت في الفيسبوك هذه القصة، وأريد معرفة صحتها: " لما دخل الرسول عليه الصلاة والسلام مكة فاتحاً، وقف عند باب الكعبة، وسأل: (أين بلال؟)، وقال: (نادوا لي بلال)، ثم قال : ( والله يا قريش لازلت أذكر اليوم الذي كنتم تعذبون فيه بلالاً عند باب الكعبة)، فلما حضر بلال، قال له الرسول عليه الصلاة والسلام: (أدخل يا بلال، فلا يصلّينّ معي أحدٌ في جوف الكعبة إلا أنت)، فكان ذلك تكريماً، وتشريفا له، ورداً لاعتباره على ما ناله من العذاب في أول إسلامه، وبعد الصلاة في جوف الكعبة، قال الرسول لبلال: (تعال فاصعد على ظهرها ـ يعني الكعبة ـ، فلما حاول الصعود ما استطاع لارتفاع سقفها، فنظر رسول الله صلى عليه وسلم فإذا بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما أقرب الصحابة إليه، فطلب منهما الرسول أن يحملاه، فوضع بلال الحبشي رضي الله عنه رجله اليمنىٰ على كتف عمر رضي الله عنه، واليسرىٰ على كتف أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وصعد على الكعبة، فقال الرسول: (يا بلال، والله الذي لا إله غيره، إن هذه الكعبة عند الله لعظيمة، ووالله إنك اليوم عند الله أعظم وأشرف منها)؟
الحمد لله.
هذه القصة لم نقف لها على إسناد.
ومما يدل على بطلانها، ما ورد فيها: أين بلال؟ ، وقال: نادوا لي بلال ... أدخل يا بلال، فلا يصلّينّ معي أحدٌ في جوف الكعبة إلا أنت.
مع أن الثابت أن بلالا كان ملازما للنبي صلى الله عليه وسلم عند دخوله مكة ولم يكن غائبا عنه حتى يطلبه، والنبي صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة وأغلق عليه الباب وصلّى فيها لم يكن معه بلال فقط، بل أيضا أسامة بن زيد وعثمان بن طلحة، ولم يرد أنهم صلوا معه.
روى البخاري (4400)، ومسلم (1329) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الفَتْحِ، وَهُوَ مُرْدِفٌ أُسَامَةَ عَلَى القَصْوَاءِ، وَمَعَهُ بِلاَلٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، حَتَّى أَنَاخَ عِنْدَ البَيْتِ، ثُمَّ قَالَ لِعُثْمَانَ: ائْتِنَا بِالْمِفْتَاحِ. فَجَاءَهُ بِالْمِفْتَاحِ فَفَتَحَ لَهُ البَابَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُسَامَةُ، وَبِلاَلٌ، وَعُثْمَانُ، ثُمَّ أَغْلَقُوا عَلَيْهِمُ البَابَ، فَمَكَثَ نَهَارًا طَوِيلًا، ثُمَّ خَرَجَ وَابْتَدَرَ النَّاسُ الدُّخُولَ، فَسَبَقْتُهُمْ فَوَجَدْتُ بِلاَلًا قَائِمًا مِنْ وَرَاءِ البَابِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: صَلَّى بَيْنَ ذَيْنِكَ العَمُودَيْنِ المُقَدَّمَيْنِ، وَكَانَ البَيْتُ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ سَطْرَيْنِ، صَلَّى بَيْنَ العَمُودَيْنِ مِنَ السَّطْرِ المُقَدَّمِ، وَجَعَلَ بَابَ البَيْتِ خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَاسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الَّذِي يَسْتَقْبِلُكَ حِينَ تَلِجُ البَيْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجِدَارِ".
وأما أذان بلال على ظهر الكعبة : فالوارد فيه بعض المراسيل من غير بيان كيف صعد عليها.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
" وقال ابن إسحاق: حدثني أبي، قال: حدثني بعض آل جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة، أمر بلالا فعلا على ظهر الكعبة، فأذن عليها، فقال بعض بني سعيد بن العاص: لقد أكرم الله سعيدا قبل أن يرى هذا الأسود على ظهر الكعبة.
وقال عروة: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا يوم الفتح فأذن على الكعبة " انتهى من "سير اعلام النبلاء- السيرة" (2/181).
والله أعلم.